للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ «١» .

والمراد من نجاسة المشركين النجاسة المعنوية، وهي نجاسة المعتقدات، أو المراد أنهم لا يتنزهون عن النجاسات غالبا، ولا يغتسلون من الجنابات، وجمهور العلماء على عدم تمكينهم من دخول الحرم كله، وبعضهم حملها على المسجد الحرام خاصة دون الحرم وبقية المساجد، وبعضهم قال: المراد عدم تمكينهم من أداء الحج والعمرة استنادا إلى سبب النزول، والحق ما ذهب إليه الجمهور.

[شبهة والجواب عليها]

وهنا شبهة نرى لزاما أن نعرض لها ونبين الحق فيها، وهي: لم عدل النبي عن تبليغ أبي بكر صدر سورة براءة ووكل ذلك إلى عليّ؟

والجواب: أن صدر سورة براءة تضمن نقض العهود المطلقة غير المقيدة بوقت، أو التي مدتها فوق أربعة أشهر فيما زاد عن أربعة أشهر، وكان العرب تعارفوا فيما بينهم في عقد العهود ونقضها ألايتولّى ذلك إلا سيد القبيلة أو رجل من رهطه، فأراد الله سبحانه وتعالى أن يكون المبلّغ عن النبي رجلا من أهله حتى يقطع ألسنة العرب بالاحتجاج على أمر هو من تقاليدهم، ولا سيما أنه ليس فيه منافاة للإسلام، فلذلك تدارك النبي صلى الله عليه وسلم الأمر.

روى الترمذي- وحسّنه- وأحمد من حديث أنس قال: (بعث النبي صلى الله عليه وسلم براءة مع أبي بكر، ثم دعا عليا فأعطاه إياها وقال:

«لا ينبغي لأحد أن يبلّغ هذا إلا رجل من أهل بيتي» ) . وفي رواية الطبراني أن جبريل عليه السلام هو الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم: «إنه لن يؤديها عنك إلا أنت أو رجل منك» .


(١) سورة التوبة: الاية ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>