للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي شأن المنافقين المتخلفين عن تبوك أنزل الله ايات كثيرة في سورة التوبة، وسنعرض لهم فيما بعد.

[المتخلفون من غير نفاق]

وتخلف جماعة من المسلمين لا يتهمون في إيمانهم، ولكن عن كسل، وميل إلى الراحة، منهم الجماعة الذين ربطوا أنفسهم في سواري المسجد، ومنهم الثلاثة الذين خلّفوا، وسنعرض لهم فيما يأتي ومن المتخلفين من تدارك أمره، فلحق بالرسول في الطريق أو في تبوك.

[مسيرة الجيش إلى تبوك]

ثم سار الرسول قاصدا تبوك، وأعطى اللواء الأعظم الصدّيق أبا بكر رضي الله عنه ولا يخفى على القارىء الفطن ما في إعطائه صلى الله عليه وسلم اللواء في اخر غزوة غزاها الصدّيق، وتخليفه عليا في أهل بيته من إشارة لطيفة إلى أن الصدّيق أحق الصحابة بالخلافة. ووزع الرسول الرايات، فأعطى الزبير بن العوام راية المهاجرين، وأسيد بن حضير راية الأوس، والحباب بن المنذر راية الخزرج.

وسار الجيش في جهد شديد من قلة الظّهر، حتى كان الرجلان والثلاثة يعتقبون على بعير واحد، ومن قلة المؤنة حتى كان الرجلان والثلاثة يقتسمون التمرة فيما بينهم، حتى استأذنوا رسول الله أن ينحروا رواحلهم فيأكلون منها، فأذن لهم، فجاء الفاروق عمر فقال: يا رسول الله إن فعلنا قلّ الظهر، ولكن ادعهم بفضل أزوادهم وادع الله لهم فيها بالبركة، فقال الرسول: «نعم» ودعا بنطع فبسطه ثم دعا بفضل أزوادهم حتى اجتمع من ذلك شيء يسير، فدعا رسول الله بالبركة ثم قال: «خذوا في أوعيتكم» ، فأخذوا حتى ما تركوا في العسكر وعاء إلا ملأوها، وأكلوا حتى شبعوا، وفضلت فضلة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أشهد ألاإله إلا الله وأني رسول الله، لا يلقى الله بها عبد غير شاك فيحجب عن الجنة» «١» .


(١) رواه مسلم والبيهقي، عن البداية والنهاية ج ٥ ص ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>