للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أول جمعة جمّعت في المدينة قبل الهجرة

وقد كان من ماثر السيد الصحابي الجليل أسعد بن زرارة النجاري الخزرجي أنه أول من صلّى بالناس الجمعة قبل مقدم النبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه إلى المدينة، فقد روى ابن إسحاق بسنده عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال:

«كنت قائد أبي كعب بن مالك حين ذهب «١» بصره، فكنت إذا خرجت به إلى الجمعة فسمع الأذان بها صلّى «٢» على أبي أمامة أسعد بن زرارة، قال: فمكث حينا على ذلك لا يسمع الأذان للجمعة إلا صلّى عليه واستغفر له، قال: فقلت في نفسي: والله إن هذا بي لعجز ألاأسأله: ما له إذا سمع الأذان للجمعة صلّى على أبي أمامة أسعد بن زرارة؟

قال: فخرجت به في يوم جمعة كما كنت أخرج، فلما سمع الأذان للجمعة صلّى عليه، واستغفر له، فقلت له: يا أبت مالك إذا سمعت الأذان للجمعة صلّيت على أبي أمامة؟ فقال: أي بني، كان أول من جمع بنا بالمدينة في هزم النبيت من حرّة بني بياضة، يقال له: نقيع الخضمات، قلت: وكم أنتم يومئذ؟ قال:

أربعون رجلا» ورواه أبو داود وابن ماجه من طريق ابن إسحاق.

[أول مبعوث في الإسلام]

لما انصرف القوم من الأوس والخزرج إلى المدينة كتبوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن ابعث إلينا من يقرئنا القران، وقد صادف هذا هوى من نفس النبي صلّى الله عليه وسلّم، فأرسل إليهم الصحابي الجليل مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي «٣» ، وأمره أن يقرئهم القران، ويعلمهم الإسلام، ويفقههم


(١) ذهب بصره: كفّ وعمي.
(٢) صلى عليه: دعا له.
(٣) كنيته أبو عبد الله، وكان من أجلّة الصحابة وفضلائهم، سباقا إلى كل خير وفضل، هاجر إلى الحبشة في أول من هاجر إليها، ثم أرسله رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى الأنصار كما رأيت فنجح في مهمته خير نجاح، وكان مصعب قد تربى في النعيم، وكان يعتبر فتى مكة شبابا، وجمالا، وسمتا، وكان رسول الله يذكره ويقول: «ما رأيت بمكة أحسن لمة، ولا أنعم نعمة من مصعب بن عمير» وقد اثر الإسلام، وسارع إليه على ما ناله بسببه من

<<  <  ج: ص:  >  >>