السماوية التي بشرت به، ولما سئل جده عن سبب تسميته (محمدا) قال: أردت أن يحمده الله في السماء، ويحمده الناس في الأرض، ولعل السيدة امنة أخبرت جده بما رأت في منامها فاتفق ما رأت وما رأى، ورجع شيخ مكة وشريفها، وهو يحمله بين يديه، لا تكاد تسعه نفسه من شدة الفرح فأسلمه إلى أمه.
[احتفاء بني هاشم بالمولود]
وفي اليوم السابع- كما هي عادة العرب- نحر الجدّ الذبائح، وأقام الولائم شكرا لله، واحتفاء بالوليد الذي رأى في حياته حياة موصولة لابنه الغالي عبد الله، ومراة صافية يرى في صفحتها المشرقة النيرة وجه عبد الله، كلما أهاجته الذكرى، وثار في نفسه الشجن، وقد شارك البيت الهاشمي في الغبطة بالوليد الجديد، فهذه ثويبة الأسلمية جارية أبي لهب بن عبد المطلب لما بشرت سيدها بميلاد ابن أخيه محمد أعتقها «١» ، ورضي الله تبارك وتعالى عن سيدنا العباس فقد قال مادحا النبي:
وأنت لما ولدت أشرقت الأر ... ض وضاءت بنورك الأفق
فنحن في ذلك الضياء وفي الن ... ور، وسبل الرشاد نخترق
ورحم الله أحمد شوقي أمير الشعراء في العصر الحديث حيث قال في همزيته:
ولد الهدى فالكائنات ضياء ... وفم الزمان تبسّم وثناء
الروح، والملأ، الملائك حوله ... للدين والدنيا به بشراء
بك بشّر الله السماء فزينت ... وتضوّعت مسكا بك الغبراء
يوم يتيه على الزمان صباحه ... ومساؤه بمحمد وضاء
(١) روي أن العباس بن عبد المطلب رأى أخاه أبا لهب بعد موته بسنة، وذلك بعد بدر، فسأله عن حاله، فأجاب أبو لهب: في النار إلا أن العذاب خفف عني كل ليلة اثنين بماء أمصّه من بين أصبعي هاتين: السبابة والإبهام، وذلك أني أعتقت ثويبة حينما أخبرتني بولادة محمد.