للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أف لملقاك إلها مستدن ... الان فتشناك عن سوء الغبن «١»

الحمد لله العلي ذي المنن ... الواهب الرزاق ديّان الدين «٢»

هو الذي أنقذني من قبل أن ... أكون في ظلمة قبر مرتهن

بأحمد المهدي النبي المؤتمن

[من أوهام ابن إسحاق]

وقد ذكر الإمام ابن إسحاق أن النبي صلّى الله عليه وسلّم بايعهم في العقبة الثانية بيعة الحرب حين أذن الله لرسوله في القتال، وذلك أن الله تعالى لم يكن أذن لرسوله صلّى الله عليه وسلّم في الحرب، فلما أذن الله له فيها، وبايعهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في العقبة الأخيرة على حرب الأحمر والأسود أخذ لنفسه واشترط على القوم لربه، وجعل لهم على الوفاء بذلك الجنة، ثم ذكر بعد أول ما نزل في القتال: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا «٣» .

وهذا من أوهام ابن إسحاق على جلالته، فالجهاد لم يشرع إلا في السنة الثانية من الهجرة كما فصّلنا القول في الجزء الثاني من هذا الكتاب، وقد وافقه على هذا الوهم ابن هشام أيضا.

وليس أدل على عدم فرضية الجهاد قبل العقبة من أن العباس بن عبادة بن نضلة لما قال للنبي صلّى الله عليه وسلّم: والله لو شئت لنميلنّ بأسيافنا على أهل منى غدا، فقال رسول الله: «لم نؤمر بهذا» .


(١) مستدن: مستعبد ذليل، الغبن: السفه.
(٢) الدين: جمع دينة وهي العادة، ويقال لها دين أيضا، ويجوز أن يراد بالدين الأديان أي هو ديان أهل الأديان، ولكن جمعها على الدين، لأنها ملل ونحل كما قالوا في جمع الحرة حرائر لأنهن في معنى الكرائم والعقائل.
(٣) السيرة لابن هشام ج ١ ص ٤٥٤، ٤٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>