للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خطبة يوم النحر]

وفي يوم النحر خطب النبي صلى الله عليه وسلم وهو واقف على ناقته خطبة أخرى، أكد فيها بعض ما ذكره في يوم عرفات من حقوق الإنسان في الإسلام، والوصاة بالأخوة والواحدة. روى البخاري في صحيحه عن أبي بكرة قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر قال:

«أتدرون أي يوم هذا؟» قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه فقال: «أليس ذو الحجة» قلنا: بلى، قال: «أي بلد هذا؟» قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال:

«أليست بالبلدة الحرام» ؟ قلنا: بلى، قال: «فإن دماءكم، وأموالكم- وفي رواية أعراضكم- عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا إلى يوم تلقون ربكم، ألا هل بلّغت؟» قالوا: نعم قال: «اللهم اشهد.

فليبلغ الشاهد الغائب، فربّ مبلّغ أوعى من سامع، فلا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض» «١» .

وكان سيدنا علي يبلّغ عن النبي هذه الخطبة، ثم سأله بعض الصحابة عن تقديم بعض المناسك على بعض، وتأخير بعضها عن مكانه نسيانا وسهوا، فما سألوه عن شيء من ذلك إلا وقال: «لا حرج، لا حرج» .

[المقام بمنى]

وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى يوم النحر، وأيام التشريق الثلاثة «٢» ، يرمي الجمرات «٣» في كل يوم إذا زاغت الشمس، كل جمرة بسبع حصيات يكبر على إثر كل حصاة، ويقف بعد كل من الجمرتين الأوليين مستقبلا القبلة، ورافعا يديه يدعو ويطيل الوقوف، فإذا رمى الثالثة انصرف ولا يقف بعدها، وأقام النبي تلك المدة بمنى يصلّي بأصحابه ويقصر الرباعية، ولم يرخص إلا لعمّه العباس وأعوانه بالمبيت بمكة لأجل السقاية.


(١) صحيح البخاري- كتاب الحج- باب خطبة أيام منى.
(٢) هي الثلاثة التي تلي يوم النحر. سميت بذلك لأنهم كانوا يشققون فيها اللحم ويجففونه.
(٣) هي ثلاث: الجمرة الأولى التي تلي مسجد الخيف بمنى، والجمرة الوسطى وجمرة العقبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>