للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما أووا إلى بيوتهم أوفى رجل من يهود على أطم «١» من اطامهم لأمر ينظر إليه، فبصر برسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه مبيّضين «٢» ، يزول بهم السراب «٣» ، فلم يملك اليهودي أن صاح بأعلى صوته: يا معشر العرب، هذا جدّكم «٤» الذي تنتظرون، فثار المسلمون إلى السلاح «٥» ، فتلقوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بظهر الحرّة، فعدل بهم ذات اليمين حتى نزل في بني عمرو بن عوف.

في قباء «٦»

وكانت منازل بني عمرو بن عوف في قباء، وكان ذلك يوم الاثنين من شهر ربيع الأول، وقيل لهلال ربيع الأول، وقيل: لليلتين خلتا منه، وقيل لثامن يوم منه، وقال ابن إسحاق لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول، وعند ابن سعد لثلاث عشرة منه.

فقام أبو بكر للناس يتلقاهم، وجلس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صامتا، فطفق من جاء من الأنصار ممن لم ير رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولم يعرفه من قبل يحيّي أبا بكر، حتى أصابت الشمس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأقبل أبو بكر حتى ظلّل عليه بردائه، فعرف الناس رسول الله عند ذلك.

فأقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في بني عمرو بن عوف أربعة أيام «٧» ، الاثنين، والثلاثاء، والأربعاء، والخميس، وخرج يوم الجمعة قاصدا المدينة.


(١) الأطم: الحصن.
(٢) عليهم الثياب البيض التي كساهم إياها الزبير وطلحة رضي الله عنهما.
(٣) يزول بهم السراب عن النظر بسبب عروضهم له، أو ظهرت حركتهم للعين، والسراب: ما يرى في الظهيرة كأنه ماء وليس بماء.
(٤) حظكم وصاحب دولتكم الذي تتوقعون وصوله.
(٥) لإظهار القوة، وحمايتهم له من أول يوم قدم فيه المدينة.
(٦) قباء بالمد والقصر، وبضم القاف وفتحها، وهو يصرف، ويمنع من الصرف.
(٧) والذي في صحيح البخاري أنه أقام فيهم أربع عشرة ليلة، وقد جمع الحافظ ابن حجر في الفتح بين ما في السيرة وما في الصحيح بأن المراد تتمة أربع عشرة ليلة بما فيها المدة التي استغرقها في السير من يوم أن خرج من الغار إلى أن وصل إلى قباء.

<<  <  ج: ص:  >  >>