للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مشروعية الأذان]

لقد فرض الله سبحانه الصلوات الخمس على الأمة قبل الهجرة ليلة الإسراء والمعراج. فكانوا يصلّون ولا يؤذّون، لأن الظروف المحيطة بهم في مكة ما كانت تسمح بالدعوة إليها، والإعلان عنها. واستمر الحال على ذلك إلى ما بعد الهجرة، فلما اطمأن الرسول وأصحابه بالمدينة، واستحكم أمر الإسلام، وبدأ تشريع الأحكام، وأصبحوا على حال تؤهلهم لإظهار شعائر الإسلام، فكّر النبي والمسلمون في وسيلة للإعلان عن الصلاة، وتشاوروا في ذلك.

روى البخاري في صحيحه بسنده عن ابن عمر قال: (كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحيّنون الصلاة ليس ينادى لها، فتكلموا يوما في ذلك، فقال بعضهم: اتخذوا ناقوسا مثل ناقوس النصارى، وقال بعضهم: بوقا مثل قرن اليهود، فقال عمر: أو لا تبعثون رجلا ينادي بالصلاة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قم يا بلال فناد بالصلاة) وكان هذا النداء بلفظ: «الصلاة جامعة» «١» ، رواه ابن سعد في الطبقات من مراسيل سعيد بن المسيب. وليس المراد بالنداء الأذان الشرعي المعهود.

فبينما هم على ذلك رأى عبد الله بن زيد بن عبد ربه في منامه من يلقّنه الأذان، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: «إنها لرؤيا حق» وأقره على ذلك وقال له: «ألقها على بلال فإنه أندى صوتا منك» فلما سمع الفاروق عمر رضي


(١) بنصب الصلاة على الإغراء، وجامعة على الحال أي احضروا الصلاة حالة كونها جامعة، وقيل بالرفع مبتدأ وخبر أي ذات جماعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>