الله تعالى عنه جاء- وهو يجر رداءه- إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا نبي الله لقد رأيت مثل الذي رأى، فقال الرسول:«فلله الحمد» .
وإليك ما رواه ابن إسحاق في سيرته عن عبد الله بن زيد قال:
«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة إنما يجتمع الناس إليه للصلاة لحين مواقيتها بغير دعوة، فهمّ رسول الله أن يجعل بوقا مثل بوق اليهود الذي يدعون به لصلاتهم، ثم كرهه، ثم أمر بالناقوس ليضرب به للمسلمين للصلاة «١» ، فبينما هم على ذلك رأى عبد الله بن زيد بن ثعلبة بن عبد ربه النداء، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إنه طاف بي الليلة طائف: مرّ بي رجل عليه ثوبان أخضران يحمل ناقوسا في يده، فقلت:
يا عبد الله، أتبيع هذا الناقوس؟ قال: وما تصنع به؟ قال: قلت: ندعو به إلى الصلاة. فقال: ألا أدلك على خير من ذلك؟ قلت وما هو؟ قال تقول:«الله أكبر الله أكبر. الله أكبر الله أكبر. أشهد ألاإله إلا الله. أشهد ألاإله إلا الله. أشهد أن محمدا رسول الله. أشهد أن محمدا رسول الله. حيّ على الصلاة. حيّ على الصلاة. حيّ على الفلاح. حيّ على الفلاح. الله أكبر. الله أكبر. لا إله إلا الله» .
فلما أخبر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إنها لرؤيا حق إن شاء الله، قم مع بلال فألقها عليه فليؤذن بها، فإنه أندى صوتا منك» . فلما أذّن بلال سمعه عمر بن الخطاب وهو في بيته، فخرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يجر رداءه وهو يقول:
يا نبي الله، والذي بعثك بالحق لقد رأيت مثل الذي رأى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«فلله الحمد» .
(١) في بعض الروايات الحديثية أنهم كرهوا ذلك أيضا، وإنما كرهوا هذا وذاك لأنهم يعتبرون أن لهم شخصية مستقلة تنأى بهم عن التقليد والمحاكاة لغيرهم، ولا سيما اليهود والنصارى، وهكذا ينبغي أن تكون شخصية المسلم تؤثر ولا تتأثر، وتبدع ولا تقلد، وقد بينت رواية ابن سعد في الطبقات الحلقة المفقودة في رواية ابن إسحاق وهي نداؤهم بلفظ «الصلاة جامعة» .