للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعفّي على اثار عبد الله فلا يتفطن أحد إليه، ولا يستدل باثاره على المهاجرين الكريمين.

[خروج الرسول وصاحبه من الغار]

وبعد ثلاث ليال وقد هدأ الطلب، ويئس المشركون من إدراكهما خرجا من الغار، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأبو بكر استأجرا رجلا من بني الديل «١» يسمّى عبد الله بن أريقط، وهو من بني عبد بن عدي، وكان هاديا خرّيتا «٢» قد غمس حلفا «٣» في ال العاص بن وائل السهمي، وكان على دين كفار قريش «٤» فأمناه «٥» ، فدفعا إليه راحلتيهما، وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال براحلتيهما صبح ثلاث، وانطلق معهما عامر بن فهيرة يخدمهما ويعينهما، يردفه أبو بكر ويعقبه، فكانوا ثلاثة والدليل.

[طريق الهجرة]

فلما خرج بهما عبد الله بن أريقط «٦» دليلهما سلك بهما أسفل مكة، ثم مضى بهما على الساحل حتى عارض الطريق أسفل من (عسفان) «٧» ، ثم سلك


(١) بكسر الدال، وإسكان الياء، وقيل بضم أوله وكسر ثانيه مهموزا.
(٢) الخريت: الماهر بالهداية العارف بالطريق، وسمي كذلك لأنه يهدي بمثل خرت الإبرة أي ثقبها، أو لأنه يهتدي لاخرات المفازة وهي طرقها الخفية.
(٣) أي كان حليفا لهم.
(٤) وهذا يدل على مروءة العرب ووفائهم وأمانتهم، وإلا فقد كان يمكنه أن يدل المشركين عليهما ويأخذ الجعل الكبير.
(٥) بفتح الهمزة وكسر الميم.
(٦) لم يعرف له إسلام كما جزم بذلك الحافظ عبد الغني المقدسي في سيرته وتبعه النووي، وقال السهيلي: لم يكن أسلم ولا وجدنا من طريق صحيح أنه أسلم بعد، ولا يعترض بأن الواقدي ذكر أنه أسلم لأنه ليس بصحيح، وضعف الواقدي معلوم خصوصا مع الانفراد، وكأنه سلف الذهبي في عده صحابيا، وقال في الإصابة: لم أر من ذكره من الصحابة إلا الذهبي في التجريد (شرح المواهب، ج ١ ص ٤٠٩) .
(٧) عسفان: موضع بين مكة والمدينة بينه وبين مكة نحو ثلاث مراحل، قال الفيومي في المصباح: ويسمى في زماننا مدرج عثمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>