للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العوام، ثم بنوا جدارين من ركني الحجرة الشماليين، وحرفوهما حتى التقيا على هيئة رأس مثلث من الشمال، حتى لا يتمكن المصلي من استقبال القبور في الصلاة، عملا بتحذير رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال في مرض موته وأكثر من القول:

«لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» رواه الشيخان، وفي رواية لمسلم: «اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد» «١» .

[إنفاذ جيش أسامة]

ولم يكد المسلمون يفرغون من دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان أول ما أمر به الصدّيق خليفة رسول الله إنفاذ جيش أسامة تنفيذا لوصية النبي، ورفض الصدّيق أن يستمع إلى قول الذين رأوا ألايخرج الجيش في هذا الوقت العصيب، والذين أشاروا بتعيين قائد أسن منه، بل ولا إلى أسامة حينما رغب أن يكون بجانب الخليفة، وتم تجهيز الجيش عند الجرف، وأسامة على رأسه، وخرج الصدّيق مع الجيش يودعه وهو ماش وأسامة راكب، فقال: يا خليفة رسول الله لتركبنّ أو لأنزلنّ، فقال: لا نزلت ولا أركب!! وما عليّ أن أغبر قدمي ساعة في سبيل الله!!.

ثم قال له وهو راجع: إن رأيت أن تعينني بعمر فافعل؟ فأذن له.

فلما رأى المتألمون من تأمير أسامة ما فعل الخليفة سكتوا، وطابت نفوسهم.

وسار أسامة حتى وصل إلى البلقاء وحدود الشام، فأغار عليهم وانتقم للمسلمين ولأبيه الذي قتل، ثم عاد إلى المدينة بجيشه مظفرا منصورا، بعد أن أرضى ربه، وأرضى نبيه، وأرضى خليفته.


(١) شرح المختار من صحيح مسلم للمؤلف، ج ٢ ص ٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>