للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صائغ هناك منهم، فجعلوا يريدونها على كشف وجهها فأبت، فعمد الصائغ إلى عمل مشين، فقد عقد طرف ثوبها إلى ظهرها وهي لا تشعر؛ فلما قامت انكشفت سوأتها، فضحكوا منها، فصاحت واستغاثت، فوثب رجل من المسلمين على الصائغ اليهودي فقتله، فتجمع اليهود على المسلم فقتلوه، فاستصرخ أهل المسلم المسلمين فغضب المسلمون ووقع الشر بينهم وبين اليهود.

ولا تنس ما لهذا العمل الدنيء من إثارة النفوس العربية التي جبلت على حماية الأعراض، وصيانة النساء من مثل هذا العبث، والاستهانة بكل شيء في سبيل الشرف والكرامة.

[غزوة بني قينقاع]

لذلك لم يجد النبي بدا من غزوهم وقد نقضوا العهد بهذه الفعلة النكراء، وأخبرهم بنقض العهد الذي كان بينه وبينهم تأدبا بأدب القران في هذا حيث يقول:

وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ «١» .

ثم حاصرهم خمس عشرة ليلة حتى نزلوا على حكم الله ورسوله، فاستشار الرسول كبار أصحابه فأشاروا بقتلهم، وكان لهم حليفان: عبد الله بن أبيّ المنافق، وعبادة بن الصامت، فأما عبادة فقد تبرأ إلى الله ورسوله منهم وقال: (يا رسول الله، أتولّى الله ورسوله وأبرأ من حلف هؤلاء الكفار وولايتهم) «٢» . وأما ابن أبي فقال: (يا محمد أحسن في موالي) ، فأعرض عنه الرسول، ثم كرر مقالته والرسول يعرض عنه، وما زال يلح على الرسول ويقول: (إني أخشى الدوائر) ، حتى قبل شفاعته فيهم على أن يخرجوا من المدينة ولهم النساء والذرية وللمسلمين الأموال.


(١) سورة الأنفال: الاية ٥٨.
(٢) هذا هو الصحيح لا ما ذكره الدكتور هيكل في كتابه «حياة محمد» ، ص ٢٧٤ من أنه حدث النبي بحديث ابن أبي وشفع فيهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>