للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحول ذو غديرتين «١» يقول: إنه صابىء «٢» كاذب!! يتبعه حيث ذهب، فسألت عنه، فقالوا: عمه أبو لهب.

[منع أبي طالب النبي وحبه له]

وكان على الضد من ذلك عمه أبو طالب شيخ قريش، وسيدها، فقد كان ابن أخيه أحب الناس إليه طبعا ورحما، وكان يحنو عليه، ويحسن إليه في صغره، ويدافع عنه ويحامي في كبره، ويخالف قومه في ذلك مع أنه على دينهم، وقد كان استمراره على دين قومه من حكمة الله تعالى، ومما صنعه لرسوله من الحماية؛ إذ لو كان أسلم لما كان له عند قريش وجاهة ولا كلمة، ولا كانوا يهابونه، ويحترمونه، ولا جترأوا عليه، ولمدوا أيديهم وألسنتهم بالسوء إليه، وربك يخلق ما يشاء ويختار، ويدبر الخلق على حسب الحكمة والمصلحة، وقد قسم خلقه أنواعا وأجناسا فهذان أخوان كافران: أحدهما محب منافح، والاخر مبغض مؤذ مكابر.

وأيضا فلو كان أسلم هذان الكبيران الشريفان من بني هاشم لقال المتقوّلون ذوو العصبية: إن بني هاشم يريدون أن يستأثروا بالرئاسة والزعامة والملك، وربما ضرّ هذا أكثر مما ينفع.

وقد شاء الله- وله الحكمة البالغة- أن يسارع أحد أعمامه وهو حمزة إلى الإسلام، وقد كان ذلك لمصلحة الدعوة كما سترى، وأن يتأخر إسلام الاخر وهو العباس إلى ليلة الفتح، وقد كان ذلك في مصلحة الدعوة أيضا، فقد كان العباس- رضي الله عنه- بمثابة العين لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم على قريش.

[من مساات قريش للرسول]

ومع منع أبي طالب لابن أخيه، وصدّه عنه، وحمايته له لم يسلم صلّى الله عليه وسلّم من الإساات والإيذاء، ومحاولة القتل، والسباب والفحش، والهزء والسخرية،


(١) ضفيرتين من الشعر.
(٢) خارج من دين قومه.

<<  <  ج: ص:  >  >>