للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أكيدر دومة «١» ، فيخشى انتفاضه أو معاونته لجيوش الروم إذا جاءت من ناحيته، فأرسل إليه الرسول صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد في خمسمائة فارس وأخبره بأنه سيجده يصطاد البقر، فذهب إليه خالد فإذا أكيدر وأخوه حسان في نفر من أهل بيته يصطادون بقر الوحش ليلا، فلم يجدوا مقاومة تذكر، فقتلوا أخاه وأسروا أكيدرا، وكان عليه قباء من ديباح- حرير- مخوص بالذهب «٢» ، فاستلبه خالد منه وأرسل به إلى رسول الله قبل قدومه عليه، فصار الصحابة يلمسونه بأيديهم ويتعجبون منه، فقال الرسول لهم: «أتعجبون من هذا؟ فو الذي نفسي بيده لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذا» .

ثم قدم خالد بأكيدر على رسول الله فحقن دمه وأمنه، وصالحه على الجزية، ثم خلّى سبيله. وذكر بعض الكاتبين في السيرة أنه أسلم «٣» ، وقد اختلف الكاتبون في تاريخ الصحابة في إسلامه وعدمه، والراجح أنه لم يسلم «٤» وقيل إنه أسلم ثم ارتد.

[الأوبة إلى المدينة]

وبعد أن أقام النبي بتبوك مدة استشار أصحابه في مجاوزة تبوك إلى ما هو أبعد منها من ديار الشام، فقال الفاروق عمر: إن كنت أمرت بالسير فسر، فقال عليه الصلاة والسلام: «لو كنت أمرت بالسير لما استشرت» فقال عمر: يا رسول الله إن للروم جموعا كثيرة، وليس بالشام أحد من أهل الإسلام، وقد دنونا وقد أفزعهم دنوك، فلو رجعنا في هذه السنة حتى ترى أو يحدث الله أمرا، فاستجود النبي رأيه، واتبع مشورته بالرجوع إلى المدينة، فعادوا حامدين شاكرين.


(١) دومة هي المعروفة بدومة الجندل بين المدينة ودمشق، وأكيدر: على صيغة المصغر هو ابن الملك الكندي ملكها.
(٢) مخوص: مزين بالذهب.
(٣) حياة محمد ص ٤٤٤.
(٤) الإصابة في تمييز الصحابة ج ١ ص ١٢٥- ١٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>