وفي رمضان أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا في جمع إلى بني مذحج، وهي قبيلة يمانية، وعمّمه بيده، وقال:«سر حتى تنزل بساحتهم، فادعهم إلى قول: لا إله إلا الله، فإن قالوا: نعم فمرهم بالصلاة، ولا تبغ غير ذلك، ولأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك مما طلعت عليه الشمس، ولا تقاتلهم حتى يقاتلوك» .
فلما انتهى إليهم لقي جموعهم، فدعاهم إلى الإسلام فأبوا ورموا المسلمين بالنبل، فصفّ عليّ أصحابه وأمرهم بالقتال، فقاتلوا حتى هزموا عدوّهم، فكفّ عن طلبهم قليلا، ثم لحقهم ودعاهم إلى الإسلام، فأجابوا وبايعه رؤساؤهم، وقالوا: نحن على من وراءنا من قومنا، فخذ منها حق الله ففعل.
وفد بجيلة «١»
وقدم جرير بن عبد الله البجلي في رمضان سنة عشر على النبي ومعه من قومه مائة وخمسون رجلا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«يطلع عليكم من هذا الفج من خير ذي يمن، على وجهه مسحة ملك» ، فطلع جرير على راحلته ومعه قومه، فأسلموا وبايعوا.
وروي أن رسول الله بسط عليه كساء ثم التفت إلى أصحابه وقال:«إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه» وفي الصحيحين عن جرير قال: «بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم» .
[وفد أحمس]
وقدم قيس بن عزرة الأحمسي في مائتين وخمسين رجلا من أحمس- أخوة بجيلة- فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من أنتم» ؟ فقالوا: نحن أحمس الله، وكان يقال لهم ذاك في الجاهلية، فقال لهم:«وأنتم اليوم لله» ، وقال لبلال:«أعط ركب بجيلة وابدأ بالأحمسيين» ففعل.