للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الخامس الذّهاب إلى الطّائف

ها هي مكة قد وقفت عقبة كأداء في سبيل الدعوة الإسلامية، وها هم سفهاء قريش قد أسرفوا في إيذاء النبي، والصد عن سبيله بعد موت عمه أبي طالب وزوجه خديجة، فلا عجب إذا أضحت مكة على سعتها أضيق من كفّة الحابل في عين النبي صلّى الله عليه وسلّم، فيمّم وجهه جهة الطائف حيث توجد ثقيف عسى أن يجد منهم من ينصر الإسلام، ويحمي الدعوة.

فخرج إليها في شوال في السنة العاشرة من النبوة، ومعه مولاه زيد بن حارثة، فأقام بها مدة يدعو ثقيفا إلى سبيل الله تعالى، فلم يجد اذانا صاغية، وكان ممن قابلهم ثلاثة من أشرافهم: عبد ياليل، ومسعود، وحبيب بنو عمرو بن عمير، وكانوا سادة ثقيف وأشرافها، وكانت عند أحدهم صفية بنت معمر القرشي الجمحي، فجلس إليهم، وكلمهم بما جاء له من نصرته على الإسلام، والقيام معه على من خالفه من قومه.

فقال أحدهم: هو يمرط «١» ثياب الكعبة إن كان الله أرسلك، وقال الثاني: أما وجد الله أحدا غيرك يرسله، وأما الثالث فكان أعقل منهما فقال:

والله لا أكلمك أبدا، لئن كنت رسول الله لأنت أعظم خطرا من أن أرد عليك، ولئن كنت تكذب على الله ما ينبغي أن أكلمك.

فقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من عندهم، وقد يئس من مناصرتهم له، وقال لهم: «إذ فعلتم ما فعلتم فاكتموا عني» كراهة أن يبلغ قومه عنه مجيئه لهم،


(١) ينزعها ويرمي بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>