للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت هذه أول صلاة خوف صلاها رسول الله «١» ، وبذلك شرعت هذه الصلاة التي تدل على يسر الإسلام وسماحته وصلاحيته لكل زمان ومكان، وقيل إن مشروعية صلاة الخوف كانت في غزوة «ذات الرقاع» ، وكانت على ما ذهب إليه ابن إسحاق سنة أربع، وذهب الإمام البخاري إلى أنها كانت سنة سبع عام خيبر واستدل بأدلة فليرجع إليها من يشاء «٢» .

[سرية كرز بن جابر الفهري]

وفي شوال من هذا العام قدم على المدينة جماعة من عكل وعرينة «٣» ، فأظهروا الإسلام، وبايعوا رسول الله، وكانوا هزالا مصفرة ألوانهم، فلم يوافقهم هواء المدينة، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يلحقوا بإبل له خارج المدينة فيشربوا من ألبانها وأبوالها ففعلوا، فلما صحّوا قابلوا الإحسان بالكفران، وقتلوا الراعي ومثّلوا به وسمروا عينيه، واستاقوا الإبل، فلما بلغ الخبر النبي أرسل وراءهم كرز بن جابر الفهري في عشرين فارسا، فلحقوا بهم وجاؤوا بهم إلى المدينة، فأمر رسول الله أن يقتص منهم، فقطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف، وسمرت أعينهم «٤» ، وألقوا في الحرّة يستسقون فلا يسقون حتى ماتوا «٥» .

وما فعل بهم ليس مثلة وإنما هو قصاص واحد: ذاك أنهم سرقوا، وقتلوا، ومثّلوا، وكفروا، وحاربوا الله ورسوله. فأقيم عليهم حدّ السرقة والبغي، واقتص منهم بالقتل والتمثيل كما فعلوا.

سرية عمرو بن أمية الضّمري

جلس أبو سفيان بن حرب ذات يوم في نادي قومه فقال: ألا رجل يذهب إلى محمد فيقتله غدرا فنستريح منه، فتقدم له رجل من الأعراب وقال له: إني


(١) البداية والنهاية، ج ٤ ص ٨١، ١٤٩.
(٢) المرجع السابق، ص ٨٣.
(٣) عكل بضم العين: قبيلة من تيم الرباب، وعرينة مصغرا: حي من بجيلة.
(٤) أي فقئت بالمسامير، لأنهم فقأوا عيني الراعي بوضع الشوك فيهما.
(٥) صحيح البخاري- كتاب المغازي- باب قصة عكل وعرينة، وكتاب الطهارة- باب أبوال الإبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>