للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خطبة النبي غداة الفتح وإسلام أهل مكة وبيعتهم]

وفي غداة الفتح بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن خزاعة حلفاءه عدت على رجل من هذيل فقتلوه وهو مشرك برجل قتل في الجاهلية، فغضب وقام بين الناس خطيبا فقال: «يا أيها الناس، إن الله قد حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض، فهي حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، فلا يحل لامرىء يؤمن بالله واليوم الاخر أن يسفك فيها دما، ولا يعضد- يقطع- فيها شجرا لم تحل لأحد كان قبلي، ولا تحل لأحد يكون بعدي، ولم تحل لي إلا هذه الساعة غضبا على أهلها، ثم قد رجعت كحرمتها بالأمس فليبلغ الشاهد منكم الغائب، فمن قال لكم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قاتل فيها فقولوا: إن الله قد أحلّها لرسوله ولم يحلها لكم.

يا معشر خزاعة: ارفعوا أيديكم عن القتل فلقد كثر إن نفع، لقد قتلتم قتيلا لأدينّه، فمن قتل بعد مقامي هذا، فأهله بخير النظرين: إن شاؤوا قدّم قاتله، وإن شاؤوا فعقله» «١» .

ثم ودى رسول الله الرجل الذي قتلته خزاعة، فأي احترام لحرمة الدماء حتى ولو كانت غير مسلمة فوق هذا؟ وهل يشك أحد في حرمة البلد الأمين بعد هذه الخطبة البليغة المؤثرة، واستمرارها إلى يوم القيامة؟.


(١) رواه الإمام أحمد في مسنده من طريق ابن إسحاق صاحب السيرة، ورواه أيضا من غير طريقه، وأصل الحديث في الصحيحين، والعقل: الدية.

<<  <  ج: ص:  >  >>