وقد استشعر الفاروق وقد هدأت ثورته النفسية أنه ربما يكون قد جانبه الصواب في التردد في السؤال، أو احتمال أن يظن به الشك، فكان يقول:
ما زلت أصوم وأتصدّق، وأصلّي وأعتق من الذي صنعت يومئذ، مخافة كلامي الذي تكلمات يومئذ حتى رجوت أن يكون خيرا، وفي صحيح البخاري: قال عمر: فعملت لذلك أعمالا، أي الأعمال الصالحة المذكورة.
[رؤيا رسول الله]
وكذلك كانت هناك مسألة أخرى تتردد في نفس بعض المسلمين وهي الرؤيا التي راها رسول الله في دخولهم المسجد الحرام، فقد ظنّوا أنها هذا العام، فلما لم تتحقق وانتهى الصلح بالتأجيل وجدوا لذلك أسى وحزنا في نفوسهم، حتى بين لهم الرسول أن الرؤيا ليس بلازم أن تتحقق هذا العام، فقد سأل الفاروق عمر رسول الله عن هذا، فقال:«أفأخبرتك أنك تأتيه هذا العام؟» ، قال: لا، قال:«فإنك اتيه ومطوّف به» ، وكذلك سأل الفاروق الصديق عن الرؤيا، فأجابه بما أجاب به الرسول «١» .
[كتابة كتاب الصلح]
ودعا رسول الله علي بن أبي طالب ليكتب الكتاب، فقال له:«اكتب بسم الله الرحمن الرحيم» ، فقال سهيل: أما الرحمن فلا أدري ما هو؟ ولكن اكتب باسمك اللهم، فأبى المسلمون، فقال النبي:«اكتب باسمك اللهم» ثم قال: «هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو» ، فقال سهيل: والله لو نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك، فقال رسول الله:«والله إني لرسول الله حقا وإن كذبتموني» ، ثم أمر عليا بمحو ما كتب وكتابة محمد بن عبد الله، فامتنع علي
(١) صحيح البخاري- كتاب الشروط- باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب، وصحيح مسلم- كتاب الجهاد والسير- باب أسباب صلح الحديبية.