للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القائلون بأنهما كانا بالروح]

وذهب بعض أهل العلم إلى أنهما كانا بروحه- عليه الصلاة والسلام- ونسب القول به إلى السيدة عائشة- رضي الله عنها- وسيدنا معاوية- رضي الله عنه- ورووا في هذا عن السيدة عائشة أنها قالت: «ما فقدت «١» جسد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولكن أسري بروحه» وهو حديث غير ثابت، وهّنه القاضي عياض في «الشفا» «٢» سندا ومتنا، وحكم عليه الحافظ ابن دحية بالوضع، ومما يضعف هذا الأثر ويرده أن السيدة عائشة لم تكن حينئذ قد دخل بها النبي، فإن من المتفق عليه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لم يبن بها إلا بعد الهجرة، وإن خطبها قبلها بسنة، وقيل بسنتين، ويرد ذلك أيضا أن الثابت عنها أنها كانت تنكر على من يقول: أن محمدا رأى ربه ليلة المعراج، وتستدل بايات من الكتاب الكريم على حسب اجتهادها وفهمها، فلو كانت ترى هذا الرأي الذي نسبوه إليها زورا لكان أقرب شيء في ردها على من يقول بالرؤية أن تحتج عليهم بأن المعراج لم يكن بجسده، ولكن لم ينقل عنها أنها احتجت بذلك.

وأيضا فإن ما روي عن معاوية غير صحيح، وهو حين الإسراء والمعراج لم يكن أسلم بعد، ولو سلمنا ما نسب إليهما- جدلا- فظواهر القران والسنة الصحيحة ترده.

[القائلون بأنهما كانا مناما]

وأبعد من هذا القول قول من ذهب إلى أنهما كانا في المنام، ويستدلون لذلك بقوله تعالى:

وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ... «٣» .


(١) روي «فقدت» مبنيا للمعلوم، وهي أدل على الوضع، وروي «فقد» بالمبني للمجهول.
(٢) ج ١ ص ١٥٦، ١٥٧ ط عثمانية.
(٣) الاية ٦٠ من سورة الإسراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>