للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[إلى عرفات]

وبعد شروق الشمس خرج النبي قاصدا عرفات، وأمر أن تضرب له قبة (بنمرة) «١» ، فسار رسول الله ولا تشك قريش إلا أنه سيقف بالمشعر الحرام «٢» كما كانت قريش تصنع في الجاهلية، ولكن النبي أخلف ظنهم، وسار حتى أتى عرفات ائتمارا بأمر الله في قوله: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ، فوجد القبة قد ضربت، فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس ركب ناقته (القصواء) حتى أتى بطن الوادي (وادي عرنة) ، وهنالك خطب خطبته المشهورة الجامعة.

[خطبة عرفة]

قال صلى الله عليه وسلم بعد أن حمد الله وأثنى عليه: «أيها الناس: اسمعوا قولي، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبدا، أيها الناس: إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا هل بلّغت، اللهم فاشهد، فمن كانت عنده أمانة، فليؤدها إلى من ائتمنه عليها.

ألا إن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدميّ موضوع «٣» ، وربا الجاهلية موضوع، وإن أول ربا أبدأ به ربا عمي العباس بن عبد المطلب.

وإنّ دماء الجاهلية موضوعة، وأول دم أبدأ به دم ابن «٤» ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب.

وإنّ ماثر الجاهلية موضوعة غير السدانة والسقاية «٥» .

والعمد قود «٦» ، وشبه العمد ما قتل بالعصا والحجر، وفيه مائة بعير، فمن زاد فهو من أهل الجاهلية.


(١) نمرة: بفتح النون وكسر الميم: موضع بجانب عرفات.
(٢) جبل بالمزدلفة يسمى قزح.
(٣) أي باطل.
(٤) اسمه إياس، وقيل حارثة، والأول أصح، وهو ابن ابن عم النبي.
(٥) السدانة خدمة الكعبة، والسقاية سقاية الحج.
(٦) قود: قصاص.

<<  <  ج: ص:  >  >>