وقد ألّف في السيرة الكثيرون من المستشرقين من كل جنس ولون. ومن هؤلاء المنصفون- وقليل ما هم- وغير المنصفين- وهم الكثيرون-، ولا عجب فأغلبهم مبشّرون بدياناتهم، والكثرة الكاثرة منهم صليبيون لا يزالون يحملون الحقد على الإسلام، ونبي الإسلام، فمن ثمّ لا يجدون ثغرة ينفثون منها أحقادهم وسمومهم إلا نفذوا منها، ولا رواية واهية منكرة أو مختلقة إلا طبّلوا لها وزمروا، ولا عليهم لو زيفوا الصحيح ما دام ذلك يساعدهم على أهوائهم، ولأجل أن يلبّسوا على الأغرار من المسلمين تستّروا تحت ستار البحث العلمي، وحرية الرأي، وما هو من البحث، ولا حرية الرأي في شيء، وإنما الغرض حلّ عرى الإيمان من نفوس المسلمين، والتشكيك في سيرة مثلهم الأعلى وقدوتهم، وهو النبي صلّى الله عليه وسلّم.
وقد ساعد على تقبل ارائهم أن المغلوب ينظر إلى الغالب على أنه فوقه في كل شيء، فمن ثمّ نظر بعض المتعلمين، ولا سيما الذين لم يحظوا من الثقافة الإسلامية وعلوم الإسلام الأصيلة بحظ يؤهلهم للتمييز بين الحق والباطل، والخطأ والصواب- نظروا إلى المستشرقين على أنهم قمم في التفكير، وفي البحث، فلا يراجعون ما يقولون! ولا ينقض ما إليه ينتهون، بل بلغ ببعض الذين تثقفوا ثقافة إسلامية أن انزلقوا فيما انزلق إليه غيرهم، ومنهم من قام بترجمة بعض هذه الكتاب من غير أن يعلّق على ما فيها من خطأ بين، وباطل