للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم خرج بهما دليلهما من العرج فسلك بهما ثنية العائر عن يمين ركوبة، ويقال: ثنية الغائر- فيما قال ابن هشام- حتى هبط بهما بطن رئم، ثم قدم بهما قباء على بني عمرو بن عوف لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول يوم الاثنين حين اشتد الضحاء، وكادت الشمس تعتدل.

[في خيمة أم معبد]

وفي الطريق إلى المدينة مرّ النبي صلّى الله عليه وسلّم بأم معبد، وإليك قصتها لما فيها من معجزة ظاهرة للنبي، ولما فيها من صورة صادقة للمرأة العربية في عفتها وشهامتها، ومروءتها، وكرمها، وبلاغتها وفصاحتها، فقد وصفت النبي صلّى الله عليه وسلّم بما يعجز عنه بيان غيرها.

روى البيهقي وغيره «١» عن أخي أم معبد حبيش صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: لما خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ومعه أبو بكر، وعامر بن فهيرة، وابن أريقط يدلهم على الطريق مرّوا بقديد على أم معبد: عاتكة بنت خالد بن خليد «٢» الخزاعية، وكانت برزة «٣» ، جلدة «٤» ، تحتبي بفناء القبة «٥» ، ثم تسقي وتطعم من يمر بها، وكان القوم مرملين «٦» مسنتين «٧» ، فسألوها: هل عندها لبن أو لحم يشترونه منها فلم يجدوا عندها شيئا، وقالت: والله لو كان عندنا شيء ما أعوزكم القرى «٨» .


(١) ورواها أيضا ابن خزيمة، والحاكم وصحّحها، وصاحب الغيلانيات، ومن طريقه اليعمري عن أبي سليط الأنصاري البدري، وابن عبد البر، وابن شاهين، وابن السكن، والطبراني وغيرهم.
(٢) على صيغة المصغر كما صرّح به ابن الأثير في الجامع، وقيل: ابن خنيف مصغرا، وقيل ابن منقذ، وهي صحابية خرّج لها ابن السكن.
(٣) كضخمة عفيفة مسنة فلم تتخدر لسنها، وخرجت من حد المحجوبات.
(٤) قوية.
(٥) الفناء: المكان الواسع أمام البيت أو القبة وهي الخيمة.
(٦) نفدت أزوادهم.
(٧) أصابتهم سنة أي جدب.
(٨) القرى: إكرام الضيف أي ما منعناه عنكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>