للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[وفد الأزد]

وقد وفد الأزد من اليمن، فأعجب الرسول ما رأى من زيهم وسمتهم، ثم سألهم «ما أنتم» ؟ فقالوا: مؤمنون، فسألهم عن حقيقة قولهم وإيمانهم، فذكروا خمس عشرة خصلة: خمس أمرتنا بها رسلك أن نؤمن بها، وخمس أمرتنا أن نعمل بها، وخمس تخلقنا بها في الجاهلية فنحن عليها إلا أن تكره منها شيئا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما الخمس التي أمرتكم بها رسلي أن تؤمنوا بها» ؟ قلنا: أمرتنا أن نؤمن بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، والبعث بعد الموت، قال:

«وما الخمس التي أمرتكم أن تعملوا بها» ؟ قلنا: أمرتنا أن نقول: لا إله إلا الله، ونقيم الصلاة، ونؤتي الزكاة، ونصوم رمضان، ونحج البيت من استطاع إليه سبيلا، فقال: «وما الخمس التي تخلّقتم بها في الجاهلية؟» قالوا: الشكر عند الرخاء، والصبر عند البلاء، والرضا بمرّ القضاء، والصدق في مواطن اللقاء، وترك الشماتة بالأعداء. فقال لهم الرسول: «حكماء علماء، كادوا من فقههم أن يكونوا أنبياء» «١» .

وقدم الأشعث بن قيس في ثمانين راكبا من أشراف كندة وكان من ملوكهم، وقد رجّلوا جممهم «٢» ، وتكحّلوا، عليهم جبب الحبرة قد كفّفوها بالحرير، فلما دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجده قال لهم: «ألم تسلموا؟» قالوا: بلى، قال: «فما بال هذا الحرير في أعناقكم؟» فشقّوه منها فألقوه، وأسلموا.

ثم ارتدّ الأشعث فيمن ارتد من الكنديين بعد وفاة النبي، ثم أسر وجيء به إلى الصدّيق، فندم، ورجع إلى الإسلام، وزوّجه الصدّيق أخته أم فروة، وقد حسن حاله وشارك في الفتوحات الإسلامية، وقد اتفق الذين كتبوا في تاريخ الصحابة على عده من الصحابة.


(١) البداية ج ٥ ص ٩٤.
(٢) الجمة: الشعر يبلغ المنكبين، ورجلوا: سرحوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>