للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل الثامن الهجرة إلى المدينة]

[أسباب الهجرة]

ها أنت قد رأيت طرفا من تعذيب المشركين للمسلمين ولا سيما ضعفاؤهم، وأن النبي قد أذن لهم في الهجرة إلى الحبشة، فهاجر بعضهم إلى الحبشة الهجرة الأولى، ثم هاجر الكثيرون منهم إليها الهجرة الثانية.

وها هي طلائع النور قد بدت من جهة يثرب- المدينة- بعد التقاء بأهلها في موسم الحج، فقد التقى بهم النبي صلّى الله عليه وسلّم في العقبة الأولى والثانية، فامن من امن، وعاهد من عاهد منهم على الولاء والنصرة، وأن يمنعوه مما يمنعون منه أنفسهم، ونساءهم، وأبناءهم، وما كان من انتشار الإسلام بين أهل المدينة انتشارا لم يكن يتوقعه أحد حتى أذهل ذلك مشركي مكة، وبذلك أصبح للمسلمين إخوان مؤمنون صادقون في دار أمن وإيمان، وإسلام وسلام، وهي المدينة «١» .

وقد الم المشركين وأقض مضاجعهم انتشار الإسلام بالمدينة هذا الانتشار السريع، فأوغلوا في إيذاء المسلمين، ونالوا منهم غاية النيل، وضيّقوا عليهم السبل والمسالك، فلم يكن لهم بدّ من الهجرة إليها، فقد أضحى لهم بها أهل


(١) علم بالغلبة على مدينة الرسول، والظاهر أنها كانت معروفة بهذا الاسم في الجاهلية، وإن كان الاسم الغالب لها حينذاك «يثرب» ، حتى نهى النبي صلّى الله عليه وسلّم عن تسميتها بيثرب فيما صحّ عنه، وسماها «طابة» و «طيبة» ، ولا يزال اسم المدينة هو الغالب، وأشهر الأسماء.

<<  <  ج: ص:  >  >>