الحمد لله الذي عمر الأرض ببني الإنسان، ومن عليهم بنعمتي العقل والبيان، ليميزوا بين الحق والباطل، والهدى والضلال، وأرسل إليهم رسلا مبشرين ومنذرين، وهادين إلى الحق وإلى الصراط المستقيم، لتقوم على الناس الحجة، وتنقطع المعذرة.
والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الأمي العربي، الذي أرسله الله سبحانه على حين فترة من الرسل، والناس في ضلالة عمياء، وجهالة جهلاء، ففتح الله به أعينا عميا، واذانا صمّا، وقلوبا غلفا، فكانت حياته خيرا وبركة على الدنيا كلها، وبعثته رحمة للعالمين.
أما بعد:
فإن خير ما يتدارسه المسلمون، ولا سيما الناشئون والمتعلمون، ويعنى به الباحثون والكاتبون دراسة السيرة المحمدية؛ إذ هي خير معلّم ومثقّف، ومهذب ومؤدب، واصل مدرسة تخرّج فيها الرعيل الأول من المسلمين والمسلمات، الذين قلّما تجود الدنيا بأمثالهم.
ففيها ما ينشده المسلم، وطالب الكمال من دين، ودنيا، وإيمان واعتقاد، وعلم، وعمل، واداب وأخلاق، وسياسة وكياسة، وإمامة وقيادة، وعدل ورحمة، وبطولة وكفاح، وجهاد واستشهاد، في سبيل العقيدة والشريعة، والمثل الإنسانية الرفيعة، والقيم الخلقية الفاضلة.
ولقد كانت السيرة النبوية مدرسة تخرج فيها أمثل النماذج البشرية، وهم