للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان أبو عزيز هذا صاحب لواء المشركين ببدر بعد النضر بن الحارث، وكان قد مرّ به أخوه مصعب ورجال من المسلمين فأسروه فقال له: (شدّ يديك به، فإن أمه ذات متاع لعلها تفديه منك) ، فقال له أبو عزيز: (يا أخي، هذه وصاتك بي؟!) فقال له مصعب: (إنه أخي دونك) . فسألت أمه عن أغلى ما فدي به قرشي، فقيل لها أربعة الاف درهم، فبعثت بها فداء له، وكان أخا شقيقا لمصعب، وقد أسلم أبو عزيز بعد وحسن إسلامه، وروى الحديث «١» .

ولما قدم المسلمون بالأسارى كانت السيدة سودة بنت زمعة زوج النبي عند ال عفراء في مناحتهم على عوف ومعوّذ ابني عفراء- وهما من شهداء بدر- وذلك قبل أن يضرب الحجاب، فلما أخبرت بقدوم الأسارى رجعت إلى بيتها ورسول الله فيه، فإذا أبو يزيد سهيل بن عمرو «٢» مجموعة يداه إلى عنقه بحبل، فلما ملكت نفسها حين رأته كذلك أن قالت: (أي أبا يزيد أعطيتم بأيديكم ألا متم كراما؟!) قالت: فو الله ما أنبهني إلا قول رسول الله من البيت: «يا سودة أعلى الله وعلى رسوله تحرّضين» ؟! فقالت: والذي بعثك بالحق، ما ملكت نفسي أن رأيت أبا يزيد مجموعة يداه إلى عنقه أن قلت ما قلت، فقبل النبي اعتذارها.

[قتل أسيرين]

وبينما كان النبي والمسلمون في طريقهم إلى المدينة أمر بقتل أسيرين:

أحدهما النّضر بن الحارث، والثاني عقبة بن أبي معيط، وكانا من شرّ عباد الله، وأكثرهم كفرا وعنادا وبغيا وحسدا وإيذاء للنبي والمسلمين، وهجاء للإسلام وأهله، ولم يأمر النبي بقتل أحد من الأسرى غيرهما.

ذلك أنه لما بلغ النبي في مرجعه «الصفراء» عرض عليه الأسرى، فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى النضر نظرة رأى فيها الموت، فلما رأى ذلك قال لمصعب بن عمير


(١) الروض الأنف، ج ٢ ص ٧٨؛ الإصابة، ج ٤ ص ١٣٣.
(٢) هو سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ودّ- ابن عم والد السيدة سودة، وهو زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ودّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>