للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- وكان أقرب من هناك به رحما-: كلّم صاحبك أن يجعلني كرجل من أصحابه، فهو والله قاتلي إن لم تفعل، فقال مصعب: إنك كنت تقول في كتاب الله وفي نبيه كذا وكذا، وكنت تعذّب أصحابه، فقال النضر: لو أسرتك قريش ما قتلتك أبدا وأنا حي، قال مصعب: والله إني لأراك صادقا، ثم إني لست مثلك، فقد قطع الإسلام العهود!.

وكان النضر أسير المقداد بن الأسود، وكان يطمع أن ينال في فدائه مالا كثيرا، فلما همّوا بقتله صاح: النضر أسيري، فقال النبي لعلي بن أبي طالب:

«اضرب عنقه، واللهمّ أغن المقداد من فضلك» .

أما عقبة بن أبي معيط فقد قتل «بعرق الظبية» ، ولما أمر النبي بقتله قال: فمن للصبية يا محمد؟ قال: «النار» ثم قال: أتقتلني من بين قريش؟

فقال النبي: «نعم» ثم التفت إلى أصحابه وقال: «أتدرون ما صنع هذا بي؟

جاء وأنا ساجد خلف المقام فوضع رجله على عنقي، وغمزها، فما رفعها حتى ظننت أن عيني ستندران «١» ، وجاء مرة بسلا «٢» شاة فألقاه على رأسي وأنا ساجد، فجاءت فاطمة فغسلته عن رأسي» .

وهذه القصة الثانية رواها البخاري ومسلم، فقد كان النبي يصلي عند الكعبة ورؤساء الشرك جالسون، فقالوا: من يذهب إلى سلا جزور بني فلان فيأتي به، فإذا سجد محمد وضعه على ظهره؟ فقال عقبة هذا: أنا، فذهب وجاء به ومعه فرث «٣» ودم، فوضعه على ظهر النبي ورأسه، فصاروا يتضاحكون، ومكث النبي على هذا خشية أن يقوم فيقع في المسجد الحرام فيقذره، حتى انطلق أحد الناس فأخبر ابنته فاطمة- وكانت صغيرة السن- فجاءت، ونحّت القذر عن أبيها، وقلبها يكاد يتفطر مما رأت، وعيناها مغرورقتان بالدموع، ثم


(١) ستندران: ستخرجان من مكانهما.
(٢) السلا: الكيس الذي يكون فيه الجنين في بطن أمه «المشيمة» .
(٣) الفرث: ما يكون في الكرش من قذر.

<<  <  ج: ص:  >  >>