للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إليه أحد لبرزت أنا إليه، لما رأيت من إحجام الناس عنه» ، وهذا يدل على شجاعة رسول الله الفائقة التي لا تدانيها شجاعة.

وخرج سباع بن عبد العزّى من صفوف المشركين، وهو يقول: هل من مبارز؟ فخرج إليه حمزة بن عبد المطلب فقال له: يا سباع، يا ابن أم أنمار أتحادّ الله ورسوله؟! ثم شدّ عليه فكان كأمس الذاهب. ونادى أبو سعد بن أبي طلحة- وكان أحد حملة لواء المشركين وقد سمع علي بن أبي طالب يقول:

أنا أبو القصم «١» - فقال: هل لك يا أبا القصم في البراز من حاجة؟ قال: نعم، فبرزا بين الصفين، فاختلفا ضربتين، فضربه علي فصرعه ولم يجهز عليه، فقال له بعض أصحابه: أفلا أجهزت عليه؟ فقال: إنه استقبلني بعورته، فعطفتني عليه الرحم، وعرفت أن الله قد قتله.

[التحام الجيشين]

ثم التحم الجيشان، وحمي الوطيس، وتعانقت السيوف، وحملت خيّالة المشركين على المسلمين ثلاث مرات، فينضحهم الرماة بالنبال فينكصون على أعقابهم، وأبلى كثير من المسلمين في هذا اليوم بلاء حسنا، وأظهروا من البطولات ما أعجز المشركين.

فاندفع أبو دجانة «٢» وقد اعتصب بعصابة الموت وهو يقول:

أنا الذي عاهدني خليلي ... ونحن بالسفح لدى النخيل

ألاأقوم الدهر في الكيول «٣» ... أضرب بسيف الله والرسول

فجعل لا يلقى أحدا من المشركين إلا قتله، ورأى رضي الله عنه إنسانا يخمش الناس خمشا شديدا، قال: فصمدت له، فلما حملت عليه بالسيف ولول،


(١) بضم القاف وفتح الصاد، وروي بالفاء، والقصم- بالقاف- القطع مع الإبانة، والفصم- بالفاء- قطع من غير إبانة.
(٢) أبو دجانة: بضم الدال وتخفيف الجيم، واسمه: سماك بكسر السين ابن خرشة بفتح الخاء والراء والشين.
(٣) الكيول: اخر الصفوف في الحرب، ويروى أيضا الكبول: جمع كبل وهو القيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>