للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخمسمائة «١» من المهاجرين والأنصار، ومن لحق بهم من الأعراب، واستخلف على المدينة نميلة بن عبد الله الليثي، وأحرم بالعمرة «٢» هو والكثيرون من أصحابه، وساق معه الهدي سبعين بعيرا حتى يكون إيذانا للناس أنه لم يرد حربا، وإنما خرج زائرا للبيت ومعظما له.

[وصول النبأ إلى قريش]

وخرج رسول الله حتى إذا كان بعسفان «٣» لقيه بشر بن سفيان الكعبي فقال: يا رسول الله، هذه قريش قد سمعت بمسيرك، فخرجوا معهم العوذ المطافيل «٤» ، قد لبسوا جلود النمور، وقد نزلوا بذي طوى يعاهدون الله لا تدخلها عليهم أبدا، وهذا خالد بن الوليد في خيلهم قدموا إلى كراع الغميم «٥» .

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا ويح قريش قد أكلتهم الحرب، ماذا عليهم لو خلّوا بيني وبين سائر العرب، فإن هم أصابوني كان ذلك الذي أرادوا، وإن أظهرني الله عليهم دخلوا في الإسلام وافرين، وإن يفعلوا قاتلوا وبهم قوة، فما تظن قريش؟! فو الله لا أزال أجاهد على هذا الذي بعثني الله به حتى يظهره الله أو تنفرد هذه السالفة» «٦» .


(١) ذكر ابن إسحاق في سيرته أنهم كانوا سبعمائة، وهو خلاف ما ذكره المحدّثون في الصحاح وغيرها وكتب السير من أنهم كانوا بضع عشرة مائة، وقد استنتج ذلك مما روي أن النبي ساق سبعين بدنة، كل بدنة عن عشرة، وهذا ليس بلازم، فإن بعضهم قد يهدي بغير الإبل، كما أن بعضهم لم يكن محرما كأبي قتادة كما ثبت في الصحيح (صحيح البخاري- كتاب المغازي- باب غزوة الحديبية) .
(٢) هذا هو الصحيح، وهو ما ذكره المحدثون وكتاب السير، لا ما ذكره الدكتور هيكل في كتابه «حياة محمد» من أن النبي أذّن في الناس بالحج.
(٣) قرية على مرحلتين من مكة أي مسيرة يومين.
(٤) العوذ: جمع عائذ، وهو من الإبل الحديثة النتاج. والمطافيل جمع مطفل: التي معها أولادها، والمراد أنهم خرجوا ومعهم النساء والأولاد، والكلام على الاستعارة.
(٥) واد أمام عسفان بثمانية أميال.
(٦) السالفة صفحة العنق وهو كناية عن الموت.

<<  <  ج: ص:  >  >>