للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المشركات يمثلن بشهداء أحد]

لما وقعت الهزيمة بسبب مخالفة الرماة أمر الرسول، وأصيب من أصيب من المسلمين انطلقت هند بنت عتبة والنسوة اللاتي كن معها إلى قتلى المسلمين، يمثلن بهم بحقد وغيظ وشراسة، فصرن يجدعن الاذان والأنوف، ويبقرن البطون، حتى إن هندا بقرت عن كبد سيد الشهداء حمزة فلاكتها- مضغتها- فلم تستطع أن تسيغها- تبتلعها- فلفظتها. وبالغن في التمثيل بالشهداء، ونسين صنع الرسول والمسلمين في قتلاهم ببدر، حيث أمر بدفنهم، ولم يتركهم للسباع والطير، فضلا أن يمثّلوا بأحد منهم. فشتان ما بين الصنيعين!!

وصنعت هند من الاذان والأنوف خلاخيل وأقراطا وقلائد، وأعطت وحشيا قلائدها وخلاخيلها وأقراطها مكافأة له على جريمته النكراء، بل بلغ الأمر بأبي سفيان بن حرب أن صار يضرب في شدق سيد الشهداء حمزة بزج الرمح ويقول: ذق عقق- يعني يا عاق- فمرّ عليه الحليس بن زبّان سيد الأحابيش يومئذ وهو يفعل ذلك فقال: يا بني كنانة، هذا سيد قريش يصنع بابن عمه ما ترون لحما «١» ؟! فقال: ويحك اكتمها علي فإنها كانت زلة.

[حزن الرسول على عمه]

وحرج رسول الله يتفقد القتلى، ويتلمّس عمه حمزة، فوجده قد مثّل به، فبقر بطنه، وأخرج كبده، وقطعت أنفه وأذناه، فقال: «لن أصاب بمثلك أبدا، وما وقفت قط موقفا أغيظ علي من هذا» ثم قال: «ولئن أظهرني الله على قريش


(١) لحما يعني ميتا لا يقدر على الانتصار لنفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>