للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض ما يستمع فينتفع به «١» ، وكان بعضهم إذا سمع القران يقول- مكابرة- كما حكى الله عنهم:

وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ (٥) «٢» .

[أول من جهر بالقران من الصحابة]

كان المشركون يؤذون من يجهر بالقران خشية تأثيره في نفوسهم، وكان أول من جهر به من الصحابة عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- فقد اجتمع يوما أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: والله ما سمعت قريش هذا القران يجهر به قط، فمن الرجل يسمعهم إياه؟ فقال عبد الله بن مسعود: أنا!! قالوا: إنا نخشاهم عليك، إنما نريد رجلا له عشيرة يمنعونه من القوم إن أرادوه، قال:

دعوني فإن الله سيمنعني.

فغدا ابن مسعود حتى أتى المقام في الضحى، وقريش في أنديتها حتى قام عند المقام، ثم قرأ:

بسم الله الرّحمن الرّحيم رافعا بها صوته الرَّحْمنُ. عَلَّمَ الْقُرْآنَ....

ثم استقبلها يقرؤها، فتأملوه، فجعلوا يقولون: ماذا قال ابن أمّ عبد؟! ثم قالوا: إنه ليتلو بعض ما جاء به محمد! فقاموا إليه، فجعلوا يضربونه في وجهه، وجعل يقرأ حتى بلغ منها ما شاء الله أن يبلغ، ثم انصرف إلى أصحابه، وقد أثّروا في وجهه، فقالوا له: هذا الذي خشيناه عليك، فقال: ما كان أعداء الله أهون عليّ منهم الان، ولئن شئتم لأغادينهم بمثلها غدا، قالوا: لا، حسبك قد أسمعتهم ما يكرهون.


(١) سيرة ابن هشام، ج ١ ص ٣١٤.
(٢) الاية ٥ من سورة فصلت.

<<  <  ج: ص:  >  >>