للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[جعل قصي هذه الماثر لعبد الدار]

وكان عبد الدار أكبر أبناء قصي، وكان عبد مناف قد شرف في حياة أبيه، وذهب كل مذهب، وكذلك شرف عبد العزّى، وعبد، فقال قصي- وقد كبرت سنه، ووهنت قوته- لابنه عبد الدار: أما والله يا بني لألحقنّك بهم وإن كانوا قد شرفوا عليك، لا يدخل رجل منهم الكعبة حتى تكون أنت تفتحها له، ولا يعقد لقريش لواء لحربها إلا أنت بيدك، ولا يشرب أحد بمكة إلا من سقايتك، ولا يأكل أحد من أهل الموسم طعاما إلا من طعامك، ولا تقطع قريش أمرا من أمورها إلا في دارك، فأعطاه داره: دار الندوة، وأعطاه الحجابة، واللواء، والسقاية، والرفادة «١» .

[منازعة بني عبد مناف لبني عبد الدار]

وتولّى عبد الدار هذه المناصب التي اثره بها أبوه، وتولّاها أبناؤه من بعده، لكن أبناء عبد مناف كانوا أشرف في قومهم، وأعظم مكانة، لذلك أجمع عبد شمس، وهاشم، والمطلب، ونوفل بن عبد مناف أن يأخذوا ما بأيدي أبناء عمومتهم، وتفرق رأي قريش: بعضها مع هؤلاء، وبعضها مع أولئك، وعقد بنو عبد مناف «حلف المطيّبين» لأنهم غمسوا أيديهم في طيب جاءت به بعض نساء بني عبد مناف في جفنة، فوضعوها لأحلافهم في المسجد عند الكعبة، فتعاقدوا، وتعاهدوا هم وحلفاؤهم، ثم مسحوا الكعبة بأيديهم توكيدا على أنفسهم، وتعاقد بنو عبد الدار، وتعاهدوا وحلفاؤهم عند الكعبة حلفا مؤكدا على ألايتخاذلوا، ولا يسلم بعضهم بعضا، فسمّوا «الأحلاف» ، وكادوا يقتتلون في حرب تفني قريشا، ولكن رحمة الله تداركتهم فتداعوا للصلح على أن يعطوا بني عبد مناف السقاية، والرفادة، وأن تكون الحجابة واللواء والندوة لبني عبد الدار كما كانت، ففعلوا، ورضي كل واحد من الفريقين بذلك، وظل الأمر عليه حتى جاء الإسلام «٢» .


(١) السيرة ج ١، ص ١٢٩، ١٣٠.
(٢) المرجع السابق ص ١٣١، ١٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>