للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً (١١) وَجَعَلْتُ لَهُ مالًا مَمْدُوداً (١٢) وَبَنِينَ شُهُوداً (١٣) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً (١٤) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (١٥) كَلَّا إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً (١٦) سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً (١٧) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (١٨) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (١٩) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (٢٠) ثُمَّ نَظَرَ (٢١) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (٢٢) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (٢٣) فَقالَ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (٢٤) إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (٢٥) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (٢٦) وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ (٢٧) لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ (٢٨) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (٢٩) عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ (٣٠) «١» .

[تأثير إعجاز القران في نفوس العرب]

وإنّ لنا هنا لوقفة ترينا أن الوليد بن المغيرة كان يدرك بفطرته العربية أن القران لا يمكن أن يكون من عند بشر، وأن الرجل قد قال مقالته الأولى استجابة لحسّه البياني وذوقه الأدبي، ومن غير أن يكون لشيء ما سلطان عليه


(١) الايات ١١- ٣٠ من سورة المدثر. وكان الوليد يسمى وحيد قريش لشرفه ورياسته وغناه، فهو تهكم به، وقيل: وحيدا بلا مال، ولا ولد، فأنعمت عليه بهما ففيه تبكيت له. ممدودا: كثيرا ممتدا من الزروع والضروع. شهودا: يحضرون معه المشاهد والمحافل، قيل: كانوا عشرة وقيل: ثلاثة عشر أسلم بعضهم. «ومهدت له تمهيدا» : أي بسطت له الجاه العريض، والرئاسة في قومه. كلا: كلمة زجر وردع وقطع لرجائه وطمعه. صعودا: عذابا شاقا. «فقتل كيف قدر» : تعجيب من تقديره الفاسد، ومقالته الشنعاء، وهو تهكم بهم وبإعجابهم بتقديره، واستعظامهم لقوله، تقول العرب: قاتله الله ما أشجعه، وأخزاه ما أشعره، وغرضهم الإشعار بأنه قد بلغ المبلغ الذي هو حقيق بأن يحسد، ويدعو عليه حاسده بذلك. عبس: قطّب وجهه. بسر: أي زاد وجهه عبوسا وتقطيبا. لواحة للبشر: تلفح الجلد لفحا شديدا فتدعه أسود من السواد. عليها تسعة عشر: يعني من الملائكة الأشداء، يجوز أن يراد حقيقة العدد، وأن يراد التكثير.

<<  <  ج: ص:  >  >>