للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم تفادى رسول الله الاصطدام بخيل المشركين فقال: «من رجل يخرج بنا على طريق غير طريقهم التي هم بها؟» ، فقال رجل من أسلم: أنا، فسلك بهم طريقا وعرا صعبا خرجوا منه بعد مشقة وجهد، فأفضوا إلى أرض سهلة منبسطة، فقال رسول الله: «قولوا، نستغفر الله ونتوب إليه» فقالوها، فقال:

«والله إنها للحطّة «١» التي عرضت على بني إسرائيل فلم يقولوها» ثم سلكوا طريقا انتهى بهم إلى ثنيّة المرّار قرب الحديبية.

وفي هذا المكان بركت ناقة رسول الله فزجروها فلم تقم، فقالوا: خلأت حرنت- القصواء، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «ما خلأت القصواء، وما هو بخلق لها، ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة، والله لا تدعوني قريش اليوم إلى خطّة يسألوني فيها صلة الرحم إلا أعطيتهم إياها» ثم قال للناس: «انزلوا» فقالوا:

ما بالوادي من ماء ينزل عليه، فأخرج سهما من كنانته، فأعطاه رجلا من أصحابه، فنزل به في بئر فغرزه في جوفه، فجاش بالماء حتى ضرب الناس بعطن، فشربوا وسقوا دوابهم.

[رسل قريش]

رأت قريش ألاقبل لها بحرب المسلمين، وإلّا دارت عليهم الدائرة، ونمى إليها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يريد حربا، فأرسلت إليه من يفاوضه تعرفا على قوة المسلمين وعزمهم على القتال من جهة، وطمعا في صد المسلمين عن البيت بالطرق السلمية من جهة أخرى.


(١) إشارة إلى قوله تعالى: وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً، وَقُولُوا حِطَّةٌ ... سورة البقرة: الايتان ٥٨- ٥٩، فبدّلوا، وغيروا، وسخروا، وتهكموا، ومعنى «وقولوا حطة» أي حط يا رب عنا ذنوبنا، واغفرها لنا. وفي المقارنة دلالة على طيب عنصر الصحابة وطاعتهم للرسول، وخبث اليهود، ولؤم طباعهم، وعصيانهم لنبي الله موسى.

<<  <  ج: ص:  >  >>