للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واقتصاديا في بلاد اليمن لما أجلاهم الفاروق، ولكنهم هم الذين أساؤوا لأنفسهم بنقض العهد الذي عاهداهم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

[بعث أبي عبيدة معهم]

ولما عزموا على الرجوع إلى بلادهم قالوا للنبي: ابعث معنا رجلا أمينا ليقبض منهم مال الصلح، فقال لهم: «لأبعثنّ معكم رجلا أمينا حق أمين» فاستشرف له أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «قم يا أبا عبيدة بن الجراح» فلما قام قال: «هذا أمين هذه الأمة» .

وفد طيّىء وعدي بن حاتم

قدمنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم منّ على سفّانة أخت عدي لما جيء بها في سبايا طيّىء، وأن عديا كان هرب بأهله وولده لما سمع بخيل المسلمين، فذهبت أخته إليه بالشام، وأشارت عليه أن يقدم على رسول الله فيسلم. فذهب إلى المدينة حتى جاء المسجد النبوي فسلم عليه فقال: «من الرجل» ؟ فقلت: عدي بن حاتم فقال لي: «يا عدي أسلم تسلم» ثلاثا، فقلت: إني على دين قال: «أنا أعلم بدينك منك!! ألست ركوسيا، وأنت تأكل مرباع قومك «١» » ؟ قلت: بلى، قال:

«هذا لا يحل لك في دينك» قلت: نعم، وكان رأى من تواضع النبي مع الناس ومعه ما جعله يعتقد أنه نبي مرسل، يعلم ما يجهل، وليس بملك.

ثم قال النبي: «لعلك يا عدي إنما يمنعك من دخول هذا الدين ما ترى من حاجتهم، فو الله ليوشكنّ المال أن يفيض فيهم حتى لا يوجد من يأخذه، ولعلك إنما يمنعك من دخولك فيه ما ترى من كثرة عدوّهم وقلة عددهم، فو الله ليوشكنّ أن تسمع بالمرأة تخرج من القادسية على بعيرها حتى تزور هذا البيت، ولعلك إنما يمنعك من دخولك فيه أنك ترى أن الملك والسلطان في غيرهم، وايم الله ليوشكنّ أن تسمع بالقصور البيض من أرض بابل قد فتحت عليهم» .


(١) الركوسية: دين بين النصارى والصابئة كما في النهاية، والمرباع ربع الغنيمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>