للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صاحب المغازي، وأحمد بن حنبل» وكانت وفاته سنة تسع وأربعين ومائتين، ولعله هو الذي يعنيه الحافظ المؤرخ ابن كثير في بدايته بقوله: قال الأموي.

[منهج هؤلاء المؤلفين]

وقد نهج مؤلفو هذه الكتاب منهج المحدّثين في الرواية: من ذكر الأسانيد، والنظر في الرواة، وإن لم يلتزموا ما التزمه المحدّثون من التشدد في التعديل والتجريح، وقبول الرواية، وربّ رجل مجرّح عند أهل الحديث وهو ثقة عند أهل السير، وهذا يرجع إلى اختلاف الغرضين، فغرض المحدث ذكر الأحاديث التي هي مناط معرفة الحلال والحرام، ومن ثمّ كان لا بد من التشدد في الرواية، وغرض المؤلف في السير والتواريخ ذكر أخبار ليست مناط الحلال والحرام غالبا، فمن ثمّ تساهلوا، ووجدت في كتبهم الروايات المرسلة، والمنقطعة، والمعضلة، والشاذة، والمنكرة، بل الموضوعة المختلقة على قلة «١» بل المحدثون أنفسهم يتشدّدون ويبالغون في التحرّي عن الرواة حينما يروون أحاديث الأحكام، ويتساهلون بعض الشيء في رواية الفضائل، روي عن الإمام أحمد أنه قال:

«نحن إذا روينا في الحلال والحرام شدّدنا، وإذا روينا في الفضائل تساهلنا» ، وفي معنى الفضائل المغازي، والسير، وروي عنه أيضا أنه قال: «ثلاثة ليس لها أصل: التفسير، والملاحم، والمغازي» ، ومراده أنه يغلب فيها رواية المراسيل، والمنقطعات، والبلاغات «٢» ، ونحوها، وإلّا فقد صحّ فيها أحاديث كثيرة.

كتب ألّفت في السير بعد

ثم جاء بعد هؤلاء علماء كثيرون ألّفوا في السير، ما بين مطنب، وما بين موجز، وما بين متوسط، ومنهم من اعتنى بذكر الأسانيد، ومنهم من حذفها


(١) المرسل: ما حذف منه الصحابي. المنقطع: ما حذف منه واحد من الرواة في موضع أو مواضع. المعضل: ما حذف منه اثنان من الرواة على التوالي. الشاذ: ما خالف فيه الراوي الثقة من هو أوثق منه. المنكر: ما خالف فيه الراوي الضعيف من هو أقوى منه. الموضوع: هو المختلق المكذوب على رسول الله أو من بعده من الصحابة والتابعين.
(٢) ما يقال فيها بلغني عن فلان كذا، ولم يكن لقيه قطعا.

<<  <  ج: ص:  >  >>