للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله قبل أن تضرب عنقك، فشهد شهادة الحق وأسلم، فقال العباس:

إن أبا سفيان رجل يحب الفخر فاجعل له شيئا، فرأى رسول الله بنور قلبه، وواسع عقله أن يكون هذا الشيء مما يتعلق بحقن الدماء، ونشر الأمان، وأن لا يقتصر على أبي سفيان حتى يأمن أكثر عدد من الناس فقال: «من دخل دار أبي سفيان فهو امن، ومن دخل دار حكيم بن حزام فهو امن، ومن دخل الكعبة فهو امن، ومن دخل المسجد فهو امن، ومن أغلق بابه فهو امن» .

[حبس أبي سفيان بمضيق الوادي]

ورأى الرسول الحكيم أن يوقف أبو سفيان حيث تمر عليه كتائب جيش المسلمين ليرى قوة المسلمين، فيكون نذيرا لقريش بالتسليم والجنوح إلى السلام إبقاء على أنفسها، فقال: «يا عباس احبسه بمضيق الوادي عند خطم «١» الجبل حتى تمر به جنود الله فيراها» .

فخرج بأبي سفيان- وقيل كان معه حكيم وبديل- فحبسه حيث أمره رسول الله، ومرّت القبائل على راياتها، فمرّت قبيلة فقال: يا عباس من هذه؟

قال: غفار، فيقول: ما لي ولغفار، وهكذا كلما مرّت قبيلة قال مثل ذلك، حتى أقبلت كتيبة لم ير مثلها، فقال: يا عباس من هذه؟، فقال: هؤلاء الأنصار عليهم سعد بن عبادة معه الراية، فقال سعد: اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الكعبة، فقال أبو سفيان: يا عباس حبذا يوم الذمار- أي يوم الحرمة ورعاية العهد-.

[الكتيبة الخضراء]

ثم مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبته الخضراء يحيط به المهاجرون لا يرى منهم إلا الحدق من الحديد «٢» ، يحمل الراية الزبير بن العوام، فقال سبحان الله يا عباس!! من هؤلاء؟ قال: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المهاجرين، فقال


(١) خطم الجبل: هو المكان الناتىء منه في الطريق، ليتمكن من رؤية الجيش كله.
(٢) أي عدة الحروب من قوس، ومغفر، وسلاح، والعرب تعبر عن الاسوداد بالاخضرار، والعكس، ومنه قوله تعالى: مُدْهامَّتانِ أي خضراوان شديدتا الخضرة حتى كأنهما سوداوان.

<<  <  ج: ص:  >  >>