كان كلاب بن مرة متزوجا من فاطمة بنت سعد بن سيل، فولدت له زهرة وقصيا، ومات كلاب وقصي طفل في المهد، وقدم مكة بعد هلاك كلاب ربيعة بن حرام من عذرة، فتزوج فاطمة، واحتملها إلى بلاده، فحملت قصيا معها، وأقام أخوه زهرة بمكة لأنه كان رجلا، وقد ولدت فاطمة لربيعة رزاحا، فلما كبر قصي تسابّ هو ورجل من قضاعة فعيّره بأنه ليس منهم، وإنما هو ملصق فيهم، فدخل على أمه وهو مغضب فأخبرها، فقالت له: يا بني، صدق أنك لست منهم، ولكن رهطك خير من رهطه، واباؤك أشرف من ابائه، وإنما أنت قرشي، وأخوك وبنو عمك بمكة، وهم جيران بيت الله الحرام.
فاحتمل بنفسه إلى مكة وأقام قصي بمكة، وعرف عنه من الجد وحسن الرأي ما جعله موضع احترام أهلها وأهله فيها، وتقديرهم له، وكانت سدانة البيت في هذا الوقت لخزاعة يتولاها حليل بن حبشية، فما لبث حين خطب إليه قصي ابنته حبّى أن رغب فيه وزوجه، فولدت لقصي: عبد الدار، وعبد مناف، وعبد العزى، وعبدا، وكثر ولده وانتشروا، كما كثر ماله، وعظم جاهه وشرفه.
[ولاية قصي البيت]
ثم هلك حليل فرأى قصي أنه أولى بالكعبة وبأمر مكة من خزاعة وبني بكر، فقريش هم في الذروة من ولد إسماعيل، وصريح ولده، فكلّم رجالا من قريش وبني كنانة، ودعاهم إلى إخراج خزاعة وبني بكر من مكة، فأجابوه، واستنصر أيضا بأخيه لأمه رزاح بن ربيعة، فجاء ومعه إخوته لأبيه، وكانت