للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رواية أخرى للبخاري أن مسيلمة قال للنبي: (إن شئت خلّينا بينك وبين الأمر، ثم جعلته لنا بعدك) فأجابه النبي بما أجاب به.

وسياق هذه القصة في الصحيح يخالف ما ذكره ابن إسحاق وهو أن مسيلمة وفد مع قومه، وأنهم تركوه في رحالهم يحفظها لهم، وذكروه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخذوا منه جائزته، وأنه قال لهم: «إنه ليس بشركم» وأن مسيلمة لما ادّعى أنه أشرك في النبوة مع رسول الله احتجّ بهذه المقالة؛ وهذا مع شذوذه ضعيف السند لانقطاعه، وأمر مسيلمة كان عند قومه أكثر من ذلك، فقد كان يقال له: رحمان اليمامة لعظم قدره فيهم، فالمعول عليه ما في صحيح البخاري «١» .

وفد أهل نجران «٢»

وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب لهم كتابا يدعوهم فيه إلى عبادة الله واحده ونبذ عبادة العباد، فإن أبوا فالجزية، فإن أبوا فالحرب. والظاهر أن هذا الكتاب كان سنة تسع «٣» بعد نزول قوله تعالى:

قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ «٤» .

فكان أنهم لما جاءهم كتاب رسول الله خرجوا إليه في أربعة عشر من أشرافهم، وقيل في ستين راكبا، منهم ثلاثة نفر يؤول إليهم أمرهم: العاقب، وهو أميرهم وصاحب مشورتهم والذي يصدرون عن رأيه، والسيد وهو صاحب رحلتهم، وأبو الحارث أسقفهم، وحبرهم وصاحب مدراسهم. فقدموا على


(١) فتح الباري ج ٨ ص ٧٣.
(٢) نجران بفتح النون: بلد كبير على سبع مراحل من مكة إلى جهة اليمن، حوله قرى كثيرة.
(٣) فتح الباري ج ٨ ص ٧٦.
(٤) سورة التوبة: الاية ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>