للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موقف النّبيّ عليه السّلام من اليهود وموقفهم منه

ذكرنا فيما سبق أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة وادع اليهود، وكتب بينه وبينهم كتابا شرط لهم فيه وشرط عليهم، وأقرهم على دينهم بشرط أن لا يغدروا، ولا يمالئوا عليه عدوا، ولكن اليهود قوم في طبيعتهم الغدر والدس والخيانة، فقابلوا هذا الإحسان بالإساءة، وحاربوا الدعوة الإسلامية بأساليبهم الماكرة حربا لا هوادة فيها، فقد هموا بقتل النبي وهو بدارهم لولا أن عصمه الله منهم، وطالما سعوا في إفساد ما بين المسلمين ولا سيما الأوس والخزرج من أخوة ومحبة كانت بفضل اعتناقهم الإسلام، وكثيرا ما نقضوا العهود وحاولوا طعن المسلمين من ظهورهم، وكثيرا ما ألّبوا عليه المشركين والقبائل كما حدث في غزوة الأحزاب.

وهكذا كانت حياتهم في المدينة وما جاورها سلسلة من المخازي، والمؤامرات الدنيئة، فلم يكن بدّ من أن يقف النبي منهم موقفا حازما، فأجلاهم عن المدينة واستراح من شرورهم، وقتل من يستحق منهم القتل، ولم تأت السنة السابعة حتى تقوّض سلطانهم في شبه الجزيرة، ولم يعد لهم شأن يذكر، وأذعنوا لسلطان الإسلام وسطوته. وهذا إيجاز يحتاج إلى تفصيل، وإليك البيان.

[محاولتهم الوقيعة بين الأوس والخزرج]

مرّ شاس بن قيس- وكان شيخا كبيرا عظيم الكفر، شديد الطعن على المسلمين- على نفر من الأوس والخزرج في مجلس يتحدثون، فغاظه ما رأى من ألفتهم وصلاح ذات بينهم في الإسلام، بعد الذي كان بينهم في الجاهلية من

<<  <  ج: ص:  >  >>