للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوقار، وإذا تكلم سما وعلاه البهاء، وكأن منطقه خرزات نظم يتحدرن «١» ، حلو المنطق، فصل «٢» ، لا نزر «٣» ، ولا هذر «٤» ، أجهر الناس «٥» ، وأجمله من بعيد، وأحلاه وأحسنه من قريب «٦» ، ربعة لا تشنؤه «٧» من طول، ولا تقتحمه «٨» عين من قصر، غصن بين غصنين، فهو أنضر الثلاثة منظرا وأحسنهم قدرا، له رفقاء يحفّون به «٩» ، إذا قال استمعوا لقوله، وإذا أمر تبادروا لأمره «١٠» محفود محشود «١١» ، لا عابس، ولا مفنّد «١٢» .

فقال أبو معبد: هذا والله صاحب قريش، لو رأيته لاتّبعته، ولأجهدنّ إن وجدت إلى ذلك سبيلا «١٣» .

[مكافأة النبي لأم معبد]

وقد روي أنها كثرت غنمها ونمت حتى جلبت منها جلبا إلى المدينة، فمر أبو بكر، فراه ابنها فعرفه، فقال: يا أمه هذا الرجل الذي كان مع المبارك،


(١) أي كلام متناسق، ومتصل بعضه ببعض، فأشبه في تناسقه الدرر، وفي تواليه الخرزات إذا تتابعت.
(٢) بسكون الصاد: أي كلام بيّن يفصل الحق من الباطل، أو تفسيره ما بعده.
(٣) قليل الكلام.
(٤) كثير الكلام فهو وسط بين هذا وذاك، والفضيلة وسط بين رذيلتين.
(٥) أرفعهم صوتا من غير إفراط مع الوضوح.
(٦) أفرد الضمير حملا على لفظ الناس أو لإرادة الجنس.
(٧) لا يبغض لفرط طوله.
(٨) لا تتجاوزه إلى غيره ازدراء له وإعراضا.
(٩) يحيطون به.
(١٠) تسابقوا إلى امتثاله.
(١١) محفود: مخدوم، ومن ذلك ما ورد في دعاء القنوت: «وإليك نسعى ونحفد» ، محشود: عنده حشد وهم الجماعة.
(١٢) عابس: مقطب الوجه، والمفنّد بكسر النون مع التشديد اسم فاعل الذي يكثر من اللوم.
(١٣) شرح المواهب ج ١ ص ٤١٠- ٤١٦؛ البداية والنهاية ج ٣ ص ١٩٢- ١٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>