للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سرية زيد بن حارثة أو القردة]

علمت قريش من مبادأة الرسول لغطفان وسليم وخروجه إليهم؛ أن قوة المسلمين المادية والمعنوية لا يستهان بها، وأن الطرق المطروقة إلى الشام أصبحت غير مأمونة، وأن القبائل المتحالفة معهم أصبحت غير قادرة على حماية تجارتهم، ففكروا في طريق وعر قليل الماء، عرّفهم به مرشد يأتمنونه، فخرجت عيرهم في تجارة عظيمة، وكان رئيس العير صفوان بن أمية، ومعه أبو سفيان بن حرب، واخرون، واستأجروا رجلا من بني بكر بن وائل يسمى: فرات بن حيان «١» ليدلهم على الطريق، وتكتموا أمر هذه العير.

ولكن الأقدار ساقت يثربيا، وهو نعيم بن مسعود الأشجعي، فقد كان بمكة وعلم بخبر العير، فلما قدم المدينة وجلس في رفقة له يشربون ومعهم رجل مسلم- وذلك قبل أن تحرم الخمر- فجرى على لسانه ذكر عير قريش والطريق الذي سلكته، فأسرع الرجل المسلم فأخبر النبي، فأرسل من فوره زيد بن حارثة في مائة راكب مجاهد، وكان ذلك في مستهل جمادى الأولى من السنة الثالثة فسارت السرية حتى لقوا العير عند ماء يسمى «القردة» ، ففرّ الرجال، وأصاب المسلمون العير، وكانت أول غنيمة ذات قيمة غنمها المسلمون، وعادت السرية بها، فخمّسها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبلغ خمسها خمسة وعشرين ألفا، وقسم الباقي على رجال السرية، وكان فرات بن حيان فيمن أسر، فعرضوا عليه الإسلام فأسلم.


(١) حيان: بالياء المثناة. وقيل: بالباء المواحدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>