للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الطور الخامس]

لما فتح المسلمون مكة، ودخل الناس في دين الله أفواجا، ودانت لهم الطائف وما حولها، ونجد وما جاورها، لم تلبث الجزيرة العربية أن صارت مؤمنة مواحدة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أرسل كتبا إلى الملوك والأمراء في الهدنة ما بين الحديبية والفتح، عارضا عليهم الدخول في الإسلام، فمنهم من أسلم، ومنهم من أبى وتوعّد، وبذلك أصبحت دعوة الإسلام معروفة عند الدول المتاخمة للجزيرة، والمعروفة للمسلمين وقتها، ثم تحفّزت الروم لغزو بلاد المسلمين، فلما علم الرسول جمع الجموع وخرج إليهم فلم يجد أحدا، فرجع بعد أن أراهم أن سلطان الله في الأرض لا يرهب أحدا.

وهذا الدور من أهم أدوار الكفاح والجهاد، فقد انتقلت الدعوة إلى العالمية، وانتقل ميدان الجهاد إلى خارج الجزيرة، وحدثت بعد وفاة الرسول الوقائع المشهورة بين الدولة الناشئة ودولتي الفرس والروم، وتمت الفتوحات العظيمة في شرق الأرض وغربها وشمالها وجنوبها، وتحققت سنّة الله في الكون من تغليب المؤمنين على الكافرين، والمحقّين على المبطلين وصدق الله:

وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ «١» .

وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ «٢» .

[رد الفرية الكبرى]

من الأكاذيب التي يرددها أعداء الإسلام والمسلمين أن الإسلام قام على السيف، وأنه لم يدخل فيه معتنقوه بطريق الطواعية والاختيار، وإنما دخلوا فيه


(١) سورة القصص: الاية ٥.
(٢) سورة الأنبياء: الاية ١٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>