للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك تعجب إبراهيم- عليه السلام- استبشارا بهذه البشارة، وفرحا بها، وتثبيتا لها، فقال كما حكاه الله عز شأنه:

قالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ (٥٤) قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ (٥٥) قالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ (٥٦) «١» .

وكذلك ذكرت هذه البشرى في مواضع أخر من الكتاب العزيز «٢» ، وبعد البشارة حملت سارة بإسحاق، ثم وضعته، وكان لإبراهيم نحو مائة عام، ثم ولد لإسحاق يعقوب أبو الأسباط الاثني عشر، ومن ذريته كان جميع أنبياء بني إسرائيل من لدن يوسف إلى عيسى عليهما السلام.

[بناء البيت العتيق]

ثم جاء إبراهيم ليزور ابنه إسماعيل كما كان شأنه، وكانت هاجر قد ماتت- رضي الله عنها- وبلغ إسماعيل مبلغ الرجال، وتزوج، وكان إسماعيل يبري نباله- فقد كان راميا- تحت شجرة عظيمة بالقرب من زمزم، فلما رأى أباه قام إليه، فتصافحا، وتعانقا، وقبّل كل منهما الاخر، ثم قال له:

«يا إسماعيل إن الله أمرني بأمر» قال: فاصنع ما أمرك به ربك، قال:

«وتعينني؟» ، قال: وأعينك، قال: «إن الله أمرني أن أبني ههنا بيتا» ، وأشار إلى الأكمة المرتفعة عما حولها.

فشرعا في رفع القواعد والبناء: إسماعيل يأتي بالحجارة، وإبراهيم يا بني، فلما رفعا القواعد عن الأرض جيء للخليل بالحجر الأسود فوضعه في ركن البيت حيث يوجد اليوم، حتى إذا ارتفع البناء قدر قامة الرجل أتى إسماعيل بحجر، فقام عليه أبوه، فأثرت قدماه فيه، وهذا الحجر هو الذي عرف فيما بعد


(١) الايات ٥٤- ٥٦ من سورة الحجر.
(٢) الذاريات ٢٥- ٣٠؛ والصافات ١١٢- ١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>