للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إسلام عبد الله بن سلام وبعض أهله]

وفي أثناء مقام الرسول بدار أبي أيوب الأنصاري قدم عليه أحد أحبار اليهود وعلمائهم وهو عبد الله بن سلام، وكان يعلم من كتبهم أوصاف النبي المبعوث في اخر الزمان. فلما جاء إلى النبي سأله بعض أسئلة تأكّد منها أنه نبي، لأنه ما يعلمها إلا نبي، فأسلم وقال للرسول: لا تعلن إسلامي حتى تسأل اليهود عني، لأنهم إن علموا إسلامي فسينتقصونني.

فأرسل إليهم النبي وسألهم عنه، فقالوا: خيرنا وابن خيرنا، فلما أخبرهم بإسلامه قالوا: شرنا وابن شرنا. وإليك هذه القصة كما رواها البخاري في صحيحه عن أنس رضي الله عنه قال:

« ... فلما جاء نبي الله صلى الله عليه وسلم جاء عبد الله بن سلام فقال: أشهد أنك رسول الله، وأنك جئت بالحق، وقد علمت يهود أني سيدهم وابن سيدهم، وأعلمهم وابن أعلمهم، فادعهم فاسألهم عني قبل أن يعلموا أني قد أسلمت، فإنهم إن يعلموا أني قد أسلمت قالوا فيّ ما ليس فيّ.

فأرسل نبي الله صلى الله عليه وسلم فأقبلوا فدخلوا عليه، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«يا معشر اليهود ويلكم اتقوا الله، فو الله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أني رسول الله حقا وأني جئتكم بحق، فأسلموا» قالوا: ما نعلمه.

قال: «فأي رجل فيكم عبد الله بن سلام» ؟ قالوا: ذاك سيدنا وابن سيدنا، وأعلمنا وابن أعلمنا. قال: «أفرأيتم إن أسلم» ؟ قالوا: حاشا لله ما كان ليسلم، وكرّرها وأجابوه- ثلاثا- قال: «يا ابن سلام اخرج عليهم» ، فخرج، فقال:

يا معشر اليهود، اتقوا الله، فو الله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أنه رسول الله، وأنه جاء بحق، فقالوا: كذبت. وفي رواية أخرى أنهم قالوا: شرّنا وابن شرّنا وتنقّصوه. قال هذا ما كنت أخاف يا رسول الله «١» . وقد أسلم


(١) صحيح البخاري «باب هجرة النبي وأصحابه إلى المدينة» و «باب إتيان اليهود النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة» .

<<  <  ج: ص:  >  >>