للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المشككون في القصة]

ويشكك بعض المستشرقين «١» ومن نهج نهجهم من الكتاب المسلمين «٢» في هذه القصة، مع ثبوتها بالتواتر المفيد للقطع واليقين بإجماع أهل الملل والعقول، ويقولون إن هلاك الجيش كان بسبب انتشار مرض الجدري في الجيش، واعتمدوا على خبر ذكره ابن إسحاق بعد ما ذكر القصة على ما وردت في الكتاب الكريم، قال: حدثني يعقوب بن عتبة أنه حدث: «أن أول ما رئيت الحصبة والجدري بأرض العرب ذلك العام» «٣» .

وليس فيما ذكره ما يدل على أن هلاكهم كان بهذا، وإلّا لما ذكر ابن إسحاق القصة المعتمدة أولا في بضع صفحات، ولم لا تكون الحصبة والجدري كانتا بسبب ما أصابهم من الجراح، والتنكيل، والقيح، والصديد في هذا الجزء من شبه الجزيرة، كما هو مشاهد ومعروف من انتشار بعض الأمراض والأوبئة عقب الحروب والجوائح؟! بل لم لا يكون هذا أمرا اتفاقيا حدث بعد حادث الفيل؟! ولو سلمنا بأن هذا رأي لقائله، فكيف يرجّح رأي ضعيف يعارض ظاهر القران على رأي صحيح يشهد له ظاهر القران؟!

الحق أن هذا التشكيك ليس له ما يبرره، أما إنكار ما قصه القران، وقد كان من المشهورات المسلمات عند العرب، واستعظامه على قدرة الله سبحانه وتعالى، فأثر من ضعف الإيمان واليقين، ولوثة سرت إلى البعض من المستشرقين والمبشّرين.


(١) حياة محمد لدرمنغم ص ٣٥ ترجمة د. عادل زعيتر.
(٢) حياة محمد ورسالته لمحمد علي ص ٥٦، ١٥٨ مع أنه ذكر السورة، ودائرة معارف القرن العشرين ج ٦، ص ٢٥٦ لفريد وجدي، فقد جوّز حملها على غير ظاهرها، وأن المراد بها المجاز والتمثيل.
(٣) السيرة ج ١، ص ٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>