للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أرسل حلقة البيت وانطلق هو ومن معه من قريش إلى الجبال ينظرون ما أبرهة فاعل بالبيت، وكان في جيش أبرهة فيل عظيم، فصار كلما وجّهوه إلى الطريق المؤدّي إلى مكة أبى وبرك، وإذا وجّهوه إلى غير طريق مكة سار وجرى، ومع هذه الاية أصر أبرهة وجيشه على هدم الكعبة، فما كان إلا أن أرسل الله عليهم طيرا أبابيل «١» ، في مناقيرها وأرجلها حجارة صغار، فصارت ترميهم بهذه الحجارة، وليس كلهم أصابت، فكان من صادفه حجر تمزّق جسمه ومات، وخرجوا هاربين يتساقطون بكل طريق، ويهلكون بكل مهلك، ونكّل الله بأبرهة وجيشه شر تنكيل، وقد ذكر الله سبحانه هذه القصة في سورة الفيل قال:

أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ (١) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (٢) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ (٣) تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ «٢» (٤) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ «٣» (٥) .

وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن الله حبس عن مكة الفيل، وسلّط عليها رسوله والمؤمنين» «٤» .

فهي لمّا أراد بها أبرهة وجنده سوا أهلكهم الله، ولمّا أراد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه بفتحها خيرا أعينوا ونصروا، وقد كانت هذه الاية إرهاصا بين يدي ميلاد نبينا محمد صلّى الله عليه وسلّم، ودلالة على يمنه، وخيره، وبركته.


(١) جمع إبيل أو إبول أي جماعات جماعات، وقيل: لا واحد له من لفظه.
(٢) سجيّل: الطين المحروق بالنار قيل: إنه فارسي معرب.
(٣) العصف المأكول: هشيم الزرع بعد ما يؤخذ منه الحب كالقمح مثلا.
(٤) رواه الشيخان.

<<  <  ج: ص:  >  >>