ولما قسم النبي غنائم حنين وأعطى للمؤلفة قلوبهم ما أعطى جاء رجل من المنافقين يقال له:(ذو الخويصرة) من بني تميم فقال: يا رسول الله اعدل، فقال الرسول:«ويلك، ومن يعدل إن لم أعدل؟ لقد خبت وخسرت إذا لم أعدل» ، فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله ائذن لي أضرب عنق هذا المنافق، فقال النبي:«معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي، دعه فإنّ له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرؤون القران لا يجاوز تراقيهم، ويمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية» !!.
وقال معتّب بن قشير- وكان منافقا-: ما أريد بهذه القسمة وجه الله، فلما أخبر بذلك رسول الله قال:«رحم الله موسى، قد أوذي بأكثر من هذا فصبر» ولم يكن رسول الله يفعل هذا لهوى نفسه، فحاشاه من ذلك، وإنما الأمر كما قال:«إني أعطي قوما أخاف هلعهم وجزعهم، وأكل قوما إلى ما جعل الله في قلوبهم من الخير والغنى» .
[معتبة الأنصار]
لما أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا والمؤلفة قلوبهم وغيرهم من سائر العرب ولم يعط الأنصار، وجد بعض الأحداث منهم في نفسه وقالوا: يغفر الله لرسول الله يعطي قريشا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم؟!، فلما نميت المقالة إلى رسول الله أرسل إليهم وجمعهم في قبة واحدهم، فلما اجتمعوا قام خطيبا فيهم فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه:
«ما حديث بلغني عنكم» ؟ فقال فقهاء الأنصار: أما رؤساؤنا يا رسول الله فلم يقولوا شيئا وأما ناس منا حديثة أسنانهم فقالوا: يغفر الله لرسول الله ...
ثم قال:«يا معشر الأنصار، ألم اتكم ضلّالا فهداكم الله، وعالة فأغناكم الله؟
وأعداء فألف الله بين قلوبكم» ؟ قالوا: بلى، ثم قال:«ألا تجيبون يا معشر الأنصار» ؟ قالوا: وما نقول يا رسول الله؟ وبماذا نجيبك؟ المنّ لله ولرسوله، فقال