للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النبي مع ربه]

وكان صلى الله عليه وسلم أعرف الناس بربه، وأعلمهم بجلاله وكماله وصفاته، فمن ثمّ كان أشدهم تقوى، وأكثرهم عبادة، وقياما لليل. عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان النبي يقوم من الليل حتى تتفطّر قدماه، فقلت: يا رسول الله لم تصنع هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر) ؟! فقال: «أفلا أكون عبدا شكورا» «١» ؟! وقالت: (كان عمل رسول الله ديمة «٢» ، وأيكم يستطيع) وقالت: (كان يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم) «٣» .

وكان الله سبحانه أمره في مبدأ أمره أن يقوم الليل إلا قليلا، قال تعالى:

يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ. قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا. نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا. أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا «٤» .

فكان قيام الليل واجبا محتوما، قيل عليه، وقيل: عليه وعلى أمته، ثم خفّف عنه، فنسخ الوجوب وصار مندوبا.

ولم يحدد للقيام وقت محدود، بل ترك ذلك إلى القدرة والاستطاعة، قال عز شأنه:


(١) رواه البخاري.
(٢) المراد المواظبة على الطاعة، والعبادة في جميع أوقات العام، لا أنه يواصل الليل بالنهار بدليل الحديث الذي بعده وغيره. وديمة: بكسر الدال.
(٣) رواهما البخاري.
(٤) سورة المزمل: الايات ١- ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>